مع اقتراب قرار "المحكمة الاتحادية العليا" بشأن نتائج الانتخابات النيابية، خرج عشرات المحتجين، الاثنين، من أنصار الكتل الخاسرة، وسط انتشار قطاعات تابعة للجيش وقوات الأمن في محيط مجلس القضاء الأعلى.

ولا يزال العراق من دون مجلس نواب قادر على تشكيل حكومة أو التشريع، على الرغم من إجراء انتخابات نيابية في 10 أكتوبر الماضي وصدور النتائج. إلا أن الخلاف على نتيجتها، والطعون التي تقدم بها "الإطار التنسيقي" للقوى الشيعية، أخرا الإعلان النهائي وإطلاق العجلة التشريعية.

وتتجه الأنظار إلى "المحكمة الاتحادية العليا" أعلى سلطة قضائية في البلاد، إذ من المقرر أن تبت الاثنين، في نتائج الطعون على نتائج الانتخابات المبكرة التي اختار فيها العراقيون 329 نائباً جديداً.



وتعد جلسة، الاثنين، الأخيرة لإصدار الحكم النهائي بالدعوى المرفوعة بخصوص نتائج الانتخابات، للانتقال بعدها إلى مرحلة بدء جلسات البرلمان الجديد، وتشكيل الحكومة المقبلة، حيث أفاد مصدر لـ"الشرق"، بأن قضاة الاتحادية العليا، عقدوا جلسة مداولة قبل النطق بالحكم بقضية الطعون بنتائج الانتخابات المقدمة من زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري.

وكان من المقرر أن تعلن المحكمة قرارها بشأن الدعوى القضائية لإلغاء الانتخابات في جلستها الأحد، لكنها تأجلت إلى الاثنين، بعد إعلان الحكومة عطلة رسمية في البلاد بمناسبة أعياد الميلاد.

وحددت المحكمة خلال جلستها في 22 ديسمبر الجاري الجلسة المقبلة موعداً لإعلان قرارها، بعد "الاستماع الى آخر دفوع وطلبات الطرفين المتداعيين"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء العراقية (واع).

"مبادرة جديدة"

وبالتزامن مع ذلك، قدم "الإطار التنسيقي" مبادرة جديدة من أجل حل الأزمة السياسية، تتضمن بنوداً من 9 نقاط، جاء فيها "ضرورة استيعاب جميع الطعون والشكاوى المقدمة دستورياً وقانونياً بخصوص نتائج الانتخابات من قبل الجهات القضائية".

كما اقترحت القوى السياسية الشيعية "خضوع الرئاسات الثلاث لاتفاق القوى السياسية مع مراعاة العرف الدستوري السائد"، وتأسيس مجلس السياسات كهيئة استشارية "لتحقيق الشراكة في إدارة الدولة إلى حين تشريع قانون مجلس الاتحاد".

وتضمنت المبادرة الدعوة إلى معالجة ما وصفته بـ"اختلال التوزان البرلماني الناتج عن الخلل في نتائج الانتخابات"، من خلال إيجاد "معالجات دقيقة لضمان عدم التفرد بسن القوانين والتشريعات".

ودعت المبادرة الجديدة إلى عدم التركيز على شكل الحكومة الجديدة وتمثيلها، والتركيز بدلاً من ذلك على "البرنامج الحكومي"، بالإضافة إلى الاتفاق على دعم التشريعات التي تعالج المشاكل الأساسية للمواطنين.

كما اقترحت المبادرة الجديدة الحفاظ على "الحشد الشعبي"، الذي يضم فصائل مسلحة معظمها مقربة من إيران، "ورفع قدراته ومأسسته واستكمال بناءاته وفق القانون".

طلبات الطعون

وكان "تحالف الفتح"، بزعامة هادي العامري، قدّم نيابة عن "الإطار التنسيقي" الطعون في الانتخابات أمام المحكمة الاتحادية، بعد أن رفضت الهيئة القضائية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قبول الطعون.

وخلال الجلسة الأخيرة أمام المحكمة الاتحادية، طالب العامري بإلغاء نتائج الانتخابات العامة وإعادة العد والفرز اليدوي الشامل، وذلك في 4 دوائر انتخابية يتم اختيارها عشوائياً بطريقة القرعة.

وقبل ذلك، اتهم العامري المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بارتكاب مخالفات "ترقى لجرائم في العرف القانوني" خلال فرز نتائج الانتخابات، مشدداً على حدوث تزوير.

وتعتبر "الكتلة الصدرية" بقيادة رجل الدين مقتدى الصدر أبرز الفائزين، بعد حصولها على 73 مقعداً مقابل 54 فقط في برلمان 2018، فيما يُعد "تحالف الفتح" الذي يمثل "الحشد الشعبي" في البرلمان، ويضم فصائل شيعية موالية لإيران، أبرز الخاسرين، إذ حقق 17 مقعداً، مقارنة بـ48 في البرلمان المنتهية ولايته، وذلك وفقاً للنتائج الأولية.

ورفض "تحالف الفتح" النتائج الأولية للانتخابات، وعمد أنصاره إلى الاحتجاج ونصب خيام الاعتصام أمام بوابة المنطقة الخضراء شديدة التحصين في وسط بغداد، جرت خلاله اشتباكات مع قوات الأمن، أدت إلى سقوط ضحايا.

انتخابات خامسة

يشار إلى أن الانتخابات الأخيرة تعد الخامسة من نوعها، منذ الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، إذ أجريت الانتخابات في وقت مبكر عن موعدها، استجابة لمظاهرات حاشدة شهدتها البلاد لعدة أشهر وطالبت بإصلاح سياسي.

وتمت الدعوة لانتخابات هذا العام قبل موعدها الأساسي في عام 2022، بهدف تهدئة غضب الشارع بعد الاحتجاجات الشعبية، التي اندلعت في خريف 2019 ضد الفساد وتراجع الخدمات العامة والتدهور الاقتصادي، في بلد غني بالثروات النفطية.