أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الاثنين، بدء المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا في جنيف، لبحث الأزمة في أوكرانيا.

وقبيل المحادثات، التمست إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المشورة من الجيوب المتشددة في مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية "الصقور" بشأن ثني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن غزو محتمل لأوكرانيا، في حين حذرت موسكو من "وضع أمني أسوأ" في حال لم تبد واشنطن وحلف الناتو" اهتماماً ببحث مطالبها بشأن "الضمانات الأمنية".

وحث خبراء أميركيون في الشأن الروسي، مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، على إرسال المزيد من الأسلحة إلى الأوكرانيين، أثناء حديثه معهم قبيل انعقاد الاجتماعات الدبلوماسية مع المسؤولين الروس، بحسب ما قال مشاركون لموقع "أكسيوس".



وتبحث إدارة بايدن "جميع الخيارات" في الوقت الذي تدرس فيه "كيفية ثني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن غزو محتمل لأوكرانيا، ومعاقبته حال قام بذلك".

فيما حذر نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف، قبل انعقاد المحادثات، من "وضع أمني أسوأ" إذا لم تظهر واشنطن والناتو اهتماماً بالحوار مع موسكو بشأن ضماناتها الأمنية، بحسب ما ذكرت وكالة الإعلام الروسية.

ونقل "أكسيوس" عن مايكل ماكفول، مسؤول مجلس الأمن القومي في ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، والذي عمل لاحقاً سفيراً للولايات المتحدة لدى روسيا التي تدافع عن ضماناتها الأمنية، قوله: "من الذكاء دائماً التعامل مع الأطراف غير الرسمية. ليس هناك جانب سلبي في ذلك على الإطلاق".

وأضاف ماكفول، الذي رفض تأكيد انعقاد مؤتمر الفيديو الاثنين، أو مشاركته فيه، أن "سوليفان ليس خائفاً من التواصل مع متخصصين، بمن فيهم الذين قد يكونون على خلاف معه".

ويعقد المسؤولون الأميركيون لقاءات بصورة منتظمة مع خبراء في الشأن الروسي من خارج مؤسسة السياسة الخارجية، لديهم مجموعة متنوعة من الآراء، ويرحبون بتقديم خبراتهم "في الوقت الذي نتعامل فيه مع هذه الأزمة"، وفقاً لما قالته المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي إميلي هورن لـ"أكسيوس".

ويمكن لهذه الاجتماعات الخاصة أيضاً أن تصرف المعارضين المحتملين عن بث شكاواهم وانتقاداتهم، حال تعثرت المشاركة الدبلوماسية.

وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف قال إن المحادثات يجب أن تبحث مسألة عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو.

محادثات مرتقبة

ومع حشد ما يقدر بـ100 ألف جندي روسي على ثلاثة جوانب حدودية لأوكرانيا، ستعقد الولايات المتحدة وروسيا محادثات ثنائية في جنيف، الاثنين.

وستقود نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان، التي تعاملت مع نظيرها الروسي خلال مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران في 2015، الفريق الأميركي.

وسيعقب هذه المحادثات اجتماع بين حلف شمال الأطلسي "الناتو" وروسيا في بروكسل الأربعاء، ثم منظمة الأمن والتعاون الأوروبية في فيينا الخميس.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان لـ "أكسيوس"، "لا يمكن أن يقال ما فيه الكفاية. فبينما نجري محادثات هذا الأسبوع، فإن مبدأ لا شيء عن أوروبا دون أوروبا، هو نجمنا الشمالي الذي نهتدي به".

وأضاف: "نحن نعلم أن جزءاً من استراتيجية روسيا يقوم على محاولة فصلنا عن حلفائنا وشركائنا عبر المحيط الأطلسي، وبث بذور الفتنة والشك بشأن الطريقة التي سنشارك بها في الوقت الذي نستعد فيه لإجراء المحادثات"، مؤكداً أن "هذه الطريقة لن تفلح".

مطالب روسية

وتريد روسيا وقف أي توسع مستقبلي للناتو، خاصة باتجاه أوكرانيا، ووقف جميع الأنشطة العسكرية في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، على طول حدودها الأوروبية.

هذه المطالب المتشددة، التي رفضها "الناتو" على الفور، فرضت نبرة متشائمة على المحادثات التي ستعقد خلال هذا الأسبوع.

وحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن جزءاً من "قواعد اللعبة" الروسية هو اقتراح هذه الأمور التي لا تجدي نفعاً كذريعة للقيام بعمل عدواني عندما تفشل المفاوضات.

وقال كبار المسؤولين في إدارة بايدن، إن هناك العديد من المحاور التي تثير قلق روسيا والتي ستكون الولايات المتحدة على استعداد لمناقشتها على أساس "متبادل".

وتتضمن هذه المحاور فرض قيود جديدة على نشر الصواريخ، وحجم ونطاق التدريبات العسكرية في أوروبا.

ونفى المسؤولون بشدة تقريراً نشرته شبكة "إن بي سي"، الأسبوع الماضي، قالت فيه إن الولايات المتحدة تبحث "خفض مستوى قواتها في أوروبا". وشددوا على أن هذه الفكرة "غير مطروحة".

كما أكدوا أنه "لن يتم الاتفاق على التزامات نهائية في هذه المحادثات"، وحثوا المراسلين على "عدم الوقوع في" حبائل أو أكاذيب الروس بشأن ما يجري خلف الأبواب المغلقة.

ولأول مرة، أوضحت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، بالتفصيل العقوبات التي يتم النظر فيها حال انهيار المحادثات ومضي روسيا قدماً في غزو أوكرانيا.

وتضمنت قائمة العقوبات عزل أكبر المؤسسات المالية الروسية، وحظر تصدير التكنولوجيا الأميركية اللازمة للصناعات الدفاعية والاستهلاكية الروسية.

وتضمنت أيضاً احتمال تسليح المتمردين الأوكرانيين، رغم تأكيد بايدن في وقت سابق لبوتين، أنه لا ينوي نشر أنظمة صاروخية هجومية في أوكرانيا.

وعلى عكس استجابة إدارة أوباما بعد قيام بوتين بضم شبه جزيرة القرم في 2014، ستستهدف هذه العقوبات القطاعات عالية التأثير في الاقتصاد الروسي منذ البداية.

رؤية واضحة

وجاء اجتماع سوليفان عبر تطبيق "زووم" مع "مجموعة الصقور" المختصة بالشأن الروسي بعدما كتب باحثون ودبلوماسيون وجنرالات سابقون رسالة عامة دعوا فيها الولايات المتحدة لتزويد أوكرانيا بمعدات عسكرية إضافية، بما في ذلك المزيد من صواريخ "جافلين" و"ستينجر".

وجاء في هذه الرسالة: "أهم ما يمكن أن يقوم به الغرب الآن هو تعزيز قدرة القوات المسلحة الأوكرانية على الردع من خلال تقديم المساعدات والمعدات العسكرية على وجه السرعة".

ووقع على الرسالة، التي نظمها جون هيربست، السفير الأميركي السابق لدى أوكرانيا، وكبير مديري مركز أوراسيا، التابع لمنظمة "المجلس الأطلسي" للأبحاث ماكفول، والجنرال المتقاعد ويسلي كلارك، والجنرال المتقاعد فيليب بريدلوف، والنائب السابق لوزرير الخارجية ستروب تالبوت، وممثل ترمب الخاص في أوكرانيا كورت فولكر، وسفير الولايات المتحدة السابق في بولندا دانيل فرايد.

وأنهت المجموعة اجتماعها على قناعة بأن سوليفان لديه رؤية واضحة بشأن التهديدات والاستجابات المحتملة المتاحة للحكومة الأميركية والناتو.

وقال فرايد: "ربما لا يمكنني أن أؤكد مكالمة زووم المحتملة"، مستدركاً: "لكن، سأقول إن سوليفان أكثر ذكاء وأعظم قدرة من أن يضع نفسه داخل الصندوق".