اتصلت بي سيدة تساعد زوجها على تحمل أعباء مصاريف البيت بعمل وبيع «الأتشار» المخلل، وبعض الطبخات الشعبية، سألتني وهي فزعة من خبر نشر على وسائل التواصل الاجتماعي يخص تحويل بعض حسابات الانستغرام للنيابة العامة لأنهم أعلنوا عن سلع للبيع!! وسألتني هل أنا منهم؟ لأني أروج لما أطبخ بحساب الانستغرام!!

العديد من أصحاب المشاريع الصغيرة اختلط عليه الأمر بسبب نشر خبر لم يوضح من هي الفئة المخالفة، وإن كان سيشمل أصحاب المشاريع الصغيرة كتلك السيدة وهم فئة كبيرة، مما اضطر عدد كبير من النواب للتدخل والتواصل مع المسؤولين ومن ثم تطمين أصحاب المشاريع بأن تلك الإجراءات لا تتضمنهم.

عزيزي المسؤول أعرف أنك تريد التنظيم ولكن المعادلة سهلة جداً أيها المشرع أيها المسؤول أيها المنفذ، كلما يسرت وسهلت وعبدت طرق المشاريع الصغيرة كلما ساعدت الحكومة وخففت العبء عن الحكومة بعدم إرهاق الميزانية وخفت قائمة انتظار الوظائف، وحركت عجلة الاقتصاد والتنمية، وكلما عقدت حياتهم وكفرتهم بتجارتهم الصغيرة كلما وقفت تلك الشريحة على باب الإعانات الاجتماعية وأرهقت الميزانية.

مثلاً نعرف أن النشاط التجاري الإلكتروني متشعب ويشمل العديد من الفئات، تعدد الفئات التي تستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي نقطة يجب مراعاتها حين وضع تشريع ينظم الفوضى الإعلانية التي نراها تحدث على تلك الوسائل، فإذا أردت أن تضع تنظيماً للإعلانات لا تنسى أن هناك أصحاب المشاريع الصغيرة جداً الذين تسد «تجارتهم» بعض من احتياجاتهم، فهناك مشاريع تعتمد فيها الأسر اعتماداً كلياً على إعلاناتها على حساباتهم في تطبيق الانستغرام مثلاً وتعلن عن سلعتها من خلاله، فإذا فكرت في تنظيم عملية الإعلانات لا تساوي هذه الفئة بالفشنيستات، فلا تطلب منهم أن يستصدروا تراخيص، أو أي تعقيدات أخرى.

بل نحن نطالبك بأكثر من مساعدتهم، إنما عليك عمل فريق متخصص في كل وزارة ينهي كل متطلباتهم ويساعدهم على إنجازها وهم في بيوتهم، ضع لهم مساراً خاصاً في تشريعاتك ومساراً خاصاً لهم في وزارتكم، ساعد الحكومة حين تساعدهم على الاعتماد على أنفسهم بدلاً من انتظار المعونات، كلما وضعت عليهم قيوداً بحجة التنظيم كلما نفرتهم وأتعبتهم وجعلتهم يكرهون اليوم الذي فكروا فيه أن «يسترزقوا» ويعتمدوا على أنفسهم.

فحين تفكر بالتنظيم فكر في هذه الفئة أولاً وابحث عن طريقة تساعدهم وتيسر أمورهم وتشجع البقية على الاقتداء بهم، ليس فقط بإزالة القيود حين التشريع بل حتى حين يأتي وقت تنفيذ القانون أيضاً، فاختر من ينفذه فبعض من ينفذ القانون ينسى روحه والهدف الذي من أجله وضع القانون ويتمسك بحرفيته، فيعميها بدلاً من أن يكحلها.

ضع في اعتبارك أن مهمتك هي أن تعينه لا أن تعيقه، وكلمة «أنا ما يخصني القانون يقول جذي» توقف عن استخدامها تحرك من مكانك وابحث له عن وسيلة تساعده.

مثال آخر على التعقيدات التي عمتها بدلاً من أن تكحلها أصحاب عربات بيع الطعام «التركات» يحتاجون لتنظيم فعلاً وهناك مخالفات فعلاً إنما ضع في اعتبارك وأنت تنظمهم أن تسهل عليهم عملهم وأن تيسر لهم طرقهم وتعبدها لهم بدلاً من البهدلة التي تتبهدل بها سيارات الزبائن وفوضى السيارات وهي تحاول أن تصطف للشراء من عندهم.

هذا مصدر رزق لأسر كثيرة ساعد الحكومة بتسهيل عملهم ليتشجع غيرهم، فكر في تحويل منطقة تجمعهم إلى منطقة جاذبة للسائح مثل ما هي جاذبة للمقيم والمواطن، ساعدهم على زيادة جذب زبائنهم بدلاً من تطفيشهم.

مشاريعنا الصغيرة هذه ممكن أن تكون بديلاً عن الوظائف وتفتح بيوتاً وتدرس أبناء وتغنيهم وممكن أن تكبر تلك المشاريع بحيث تنقل الأسرة إلى طبقة متوسطة تكاد تنقرض لكثرة التعقيدات، أليست هذه توجيهات جلالة الملك المعظم وسمو ولي عهده رئيس الوزراء حفظهما الله، ابحث إذاً عن روح ومغزى هذه التوجيهات وستدلك على مسارك.

على الهامش

المملكة العربية السعودية عملت ما سمي «موثوق» نظمت فيه مسألة الإعلانات الفردية .. فسهلها الله يسهل عليك