شيدت البرازيل أكبر ملعب في العالم ليكون مسرحاً رائعاً لنهائيات عـــــــــام 1950، بيد أنَّ حلمها بالتتويج باللقب العالمي للمرة الأولى في هذه المعلمة الرياضية اندثر في واحدة من أكبر مفاجآت البطولة على الإطلاق.
واختتمت هذه النسخة من كأس العالم على شكل بطولة مصغَّرة تضمُّ أربعة منتخبات، على أنْ يحرز اللقب الفريق الذي يحقق أعلى رصيد من النقاط. والتقت البرازيل مع أوروجواي في المباراة الحاسمة لتحديد هوية البطل، حيث كان التعادل كافياً لتتويج أصحاب الأرض. ونجح منتخب السامبا في افتتاح حصة التسجيل عبر «فرياكا» قبل أن تقلب أوروجواي النتيجة في مصلحتها بواسطة هدفين حملا توقيع كل من «خوان شيافينو»و»السيديس غيغيا».
ونزل الهدفان كقطعة ثلج بارد على الجماهير المحلية، حيث أطبق صمت رهيب على مدرجات ملعب «ماراكانا»، في الوقت الذي كانت الجارة الجنوبية الصغيرة تحتفل بلقبها الثاني.
وكانت أوروجواي، التي توجت بطلة أيضاً عام 1930، قد خاضت مباراة واحدة قبل بلوغ الدور النهائي من البطولة، حيث سحقت بوليفيا بثمانية أهداف نظيفة، لكنها نجحت بعد ذلك في قلب تخلفها في مبارياتها الثلاث المتوالية، ليؤكد رجال المدرب «إيفان لوبيز» مدى تماسكهم وقوتهم المعنوية في هذه البطولة، ما أدى إلى خلق كلمة جديدة في اللغة الإسبانية «ماراكانوزو»، وهي مازالت سارية حتى أيامنا هذه للإشارة إلى خسارة البرازيل أمام فريق منافس في الملعب الشهير.
وكانت بطولة كأس العالم في البرازيل أول دورة تقام بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث بقيت الكأس المرموقة خلال سنوات الصراع مخبأة في علبة أحذية تحت سرير نائب رئيس الاتحاد الدولي الدكتور «أوتورينو باراسي». وبعد أنْ وضعت الحرب أوزارها، أصبحت البطولة تحمل اسم «كأس جول ريميه» للاحتفال باستمرارية هذا الحدث العالمي الكبير.
وجرى الدور الأول بنظام غير مألوف، حيث وزعت المنتخبات المشاركة على مجموعتين مؤلفتين من أربعة فرق، ومجموعة أخرى من ثلاثة، ورابعة مشكلة فقط من منتخبي أوروجواي وبوليفيا. وإذا كان ملعب «ماراكانا» صرحاً لطموحات البرازيليين، فإنَّ الآمال كانت معلقة على رجال المدرب «فلافيو كوستا» ليقارعوا عظمة هذا المعلمة العمرانية الكبيرة. وبالفعل استهل نجوم السامبا مشوارهم في البطولة بفوز رائع على المكسيك برباعية نظيفة. وبعد أنْ تعادل المنتخب البرازيلي مع نظيره السويسري 2-2 في مباراته الثانية، كان الفريق في حاجة إلى الفوز في مباراته الأخيرة ضد يوغسلافيا لبلوغ الدور النهائي. وحالف الحظ أصحاب الأرض في تلك المواجهة، حيث كان مهاجم يوغسلافيا «رايكو ميتيتش» يخضع للعلاج لإصابة في رأسه، عندما نجح المنتخب البرازيلي في افتتاح حصة التسجيل بواسطة «اديمير» قبل أنْ يضيف الثاني عبر «زيزينيو». وفي الوقت الذي حجز المنتخب البرازيلي بطاقته إلى الدور النهائي، ودع المنتخب الإيطالي حامل اللقب البطولة بخسارته أمام السويد 2-3. وكان المنتخب الاسكندينافي الهاوي خسر ثلاثيه المتألق «غونار غرين» و»غونار نوردال» و»نيلز ليدهولم» لمصلحة الدوري الإيطالي الممتاز بعد فوز السويد بذهبية دورة الألعاب الأولمبية عام 1948، لكن ذلك لم يمنع رجال المدرب الإنجليزي «جورج راينور» من التغلب على المنتخب الإيطالي الذي فقد أبرز أعمدته بسبب تحطم طائرة كانت تقل لاعبي تورينو، موديا بحياة 19 منهم، في ما عرف بكارثة «سوبرغا» قبل عام من انطلاق بطولة العالم.
وكما كان منتظراً بالنهائي، تمكن المنتخب البرازيلي من افتتاح باب التسجيل بعد عملية مشتركة بين «زيزينيو» و»أديمير» أثمرت تسجيل «فرياكا» لهدف السبق، لكن أوروجواي، بقيادة «أوبدوليو فاريلا»، أدركت التعادل في الدقيقة 66 عندما تفوق «غيغيا» في الجهة اليمنى على «بيغودي» وأرسل كرة عرضية باتجاه «شيافينو» فأودعها الأخير في الشباك، ثم حدث ما لم يكن في الحسبان في الربع ساعة الأخيرة، حيث نجح «غيغيا» في التفوق مجدداً على «بيغودي»، ليودع الكرة بسهولة داخل شباك الحارس البرازيلي «باربوسا» ويرسل أوروجواي إلى النعيم والبرازيل إلى الجحيم.