أظهرت دراسة أجراها المجلس الأعلى للمرأة مؤخراً، أن 37% من الإعلاميات البحرينيات يتسلمن مناصب قيادية داخل مؤسساتهن الإعلامية، فيما ذكرت 55% من اللواتي شملتهن الدراسة أنهن يواجهن صعوبات في عملهن الإعلامي أبرزها طول ساعات العمل. وأوضحت الدراسة -التي تم تنفيذها بالتعاون مع جامعة البحرين، وحملت عنوان «واقع المرأة البحرينية في الإعلام»- أن معدل السن للإعلامية البحرينية يقع ما بين سن 21- 35 عاماً بنسبة 75% من حجم العينة، وأن 77% من المبحوثات يحملن درجة جامعية كالبكالوريوس والماجستير، و67% يحملن الدرجة الجامعية في تخصص الإعلام.
وتوقعت الدراسة أن تشهد مملكة البحرين تحولاً في دور المرأة في الخطاب والتفاعل والإنتاج الإعلامي من شأنه تحقيق النقلة المهنية لمواكبة مستجدات العصر وتعزيز دورها السياسي للمتغيرات المحلية والعالمية.
وأجريت الدراسة على 62 امرأة من البحرينيات العاملات في مؤسسات الإعلام العامة والخاصة، العربية والأجنبية في مملكة البحرين، وشملت قطاعات الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفزيون وعلاقات عامة وشركات الإعلان، ومن الناحية الاجتماعية، بلغت نسبة المتزوجات 46% والعازبات 42%، فيما بلغت نسبة المتزوجات من الإعلاميات ممن لديهن أطفال 37%، و60% ليس لديهن أطفال.
أوجه التحديات والقصور
وقدمت الدراسة دراسة موضوعية متكاملة وشاملة عن واقع المرأة البحرينية العاملة في مجال الإعلام وجوانب النجاح الذي حققتها في مسيرتها الطويلة للمطالبة بحقوقها وتثبيت كيانها في مجال العمل الإعلامي الشاق والمضني، ورسمت جوانب القصور وأسبابها في عرقلة هذه المسيرة، كما تم التعرف بالتفصيل الدقيق على الخصائص الديمغرافية للإعلاميات البحرينيات وتأثير البيئة الأسرية الاجتماعية على أدائهن.
وأكدت الدراسة أنها تأتي لتسد فراغ تعاني منه البحوث الخاصة بالمرأة في مملكة البحرين، وتقدم في الآن نفسه صورة دقيقة عن الواقع الحقيقي الذي تمارس فيه المرأة البحرينية عملها الإعلامي.
ودعت الدراسة لاستكمال نواقصها بالعمل على وضع استراتيجية إعلامية للمرأة البحرينية تستجيب إلى نتائج وتوصيات هذه الدراسة، وتشكل المرجعية لممارسات إعلامية بحرينية تصب في صالح المرأة العاملة في هذا المجال وتقوم على تحسين أوضاعها المهنية وتكفل لها الحصول على نصيب منصف من الفرص، وتنطلق من البدء بإعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية وقوانينها ورفع مستوى الحرفية المهنية للإعلاميات كخطوة أساسية نحو تمكين المرأة الإعلامية لأداء أكثر فعالية وكفاءة، وإبراز حضورها وطاقاتها في وسائل الإعلام.
توصيات للسلطتين
وأوصت الدراسة السلطات التنفيذية في أجهزة الدولة بتمكين ومنح المرأة دورها في تولي المناصب القيادية في المؤسسة الإعلامية، وإدارة دفة العمل الإعلامي بما يعطيها الدافع للاستمرار والتشجيع المستمر من خلال مبادرات واضحة تدعمها الحكومة، كإشراك المرأة الإعلامية في صنع القرار وإعطائها الفرصة على الدوام لتقدم أفضل ما لديها من أفكار ومشروعات تخدم التنمية المجتمعية عبر بوابة الإعلام.، إضافة إلى التقدير المعنوي لجهود الإعلاميات وخصوصاً اللاتي قضين عمراً في المهنة، واستحداث آليات التشجيع للمتميزات في الحقل الإعلامي ومساعدتهن في الترويج لأعمالهن محلياً وعالمياً، والسعي لتكافؤ الفرص في التوظيف في المؤسسات الإعلامية البحرينية أو على الأقل مراجعة معايير التوظيف بما يضمن العدالة والإنصاف، والتطعيم المستمر للمؤسسات الإعلامية بكوادر جديدة وشابة ومحلية في الإذاعة والتلفزيون والصحافة والإعلام الإلكتروني والإعلان، علاوة على سد الثغرات الفنية والتكنولوجية بالنسبة للموظفات الكبيرات في السن، بالإضافة إلى الموظفات الشابات، وتوفير مساحة أكبر للتطوير والإبداع عبر تقبل المسؤولين للأساليب الإعلامية الجديدة.
وأوصت الدراسة السلطات التشريعية في البحرين بإقرار قوانين تنظم أسلوب عمل المرأة في مجال الإعلام وتضمن حقوقها، مثل التأمين الصحي، وزيادة الرواتب، وعلاوة بدل خطر المهنة، وقانون تأمين حياة الإعلامية خلال التغطيات الميدانية، إضافة إلى دعم أوقات العمل للمرأة الإعلامية الحاضنة وتوفير أجواء وساعات عمل مناسبة ومحددة تتناسب مع الطبيعة الخاصة للمرأة وتحترم التزاماتها الأسرية كأم، وألا تعمل لأوقات متأخرة من الليل، وعدم تكليفها بنظام النوبات وغيرها مما يمكنها من التوفيق بين أدوارها المتعددة والقيام بواجباتها على الوجه الأكمل.
الدراسات العليا
وأوصت الدارسة المؤسسات التعليمية والتدريبية بدعم برامج البكالوريوس والدراسات العليا والبحث العلمي في الإعلام في الجامعات المحلية، وتطوير وتنفيذ برامج تعليمية أكاديمية وتدريبية عالية الجودة تستهدف الكوادر المحلية الشابة وتشجعها على الالتحاق بسوق العمل لتحسين المهارات التي يطلبها سوق العمل البحريني، إضافة إلى التدريب على مهارات متخصصة في مجالات الإعلام المختلفة، وتوفير قنوات للتنسيق مع الجهات الإعلامية المختلفة لكي تمنح طالبات وخريجات الإعلام فرص التدريب والتوظيف فيها، ولتجعلهن أعلى من يقبلن على السوق المحلي ولتأمينهن بفرص العمل والنجاح فيه ولتحقيق مستوى أعلى من المعيشة، وتفعيل استراتيجية تطوير وتدريب العاملين في المؤسسة الواحدة خاصة في الإعلام الجديد والإلكتروني وفي المهارات الإدارية والقيادية ودعم مشاركاتهن في الفعاليات والمؤتمرات والدورات التدريبية وورش العمل بغض النظر عن جنسهم والالتزام بتكافؤ الفرص مما يخلق أجواء تنافسية وبيئة عادلة تساهم في دعم واستمرارية عمل المرأة في الإعلام، وتطوير أساليب التدريب السائدة في إدارات الجهات الإعلامية بشكل يساعد العاملين المخضرمين بالإضافة إلى الشباب على إتقان مهارات استخدام التقنيات المعاصرة.
جمعيات إعلامية نسائية
وفيما يتعلق بالتوصيات الموجهة إلى الجهات الرسمية والهيئات المعنية بالإعلام، أوصت الدراسة بالتشجيع على إقامة جمعيات أو نقابات أو اتحادات نسائية للإعلاميات البحرينيات من شأنها تنظيم حلقات لقاء بين المتخصصات في هذا المجال، وإقامة دورات فصلية مخصصه للمرأة تتناول تطوير المرأة في مجال الإعلام وتفعيل دور البحوث والدراسات في تطوير المهن، إضافة إلى استضافة متحدثات من الخارج إلى جانب إقرار الصلاحيات وتنظيم الفعاليات والندوات والدورات التدريبية والإعلان عنها فضلاً عن التنسيق مع المؤسسات الإعلامية والثقافية والاجتماعية المحلية والعالمية لتنمية التعاون المستقبلي والإفادة من كل الطاقات النسائية في هذا المجال، وإنشاء مكتب رصد إعلامي يرعى إنتاج الإعلاميات البحرينيات ويتولى تنسيق وصولهن إلى معظم وسائل الإعلام ويكون من مهام هذا المكتب رصد الأداء المهني الإعلامي للمؤسسات وتقييمه وتحديد مشاكله ومتابعة تحسينه.
وأوصت الدراسة بتنظيم حملات إعلامية من شأنها تسليط الضوء على الإعلامية البحرينية كمرجع إعلامي ومصدر معلوماتي ذي قيمة إنتاجية واجتماعية وسياسية واقتصادية في هذا المجال، وتعزيز التشبيك والتواصل والتعاون بين المؤسسات الإعلامية والمؤسسات الأكاديمية والجهات الحكومية والخاصة المحلية والعالمية ومد جسور مع الإعلام الأجنبي والتواصل مع المراصد الإعلامية العالمية عبر تخصيص مساحات إعلامية وحصص لنشر مواد منتجة من قبل الإعلامية البحرينية من أجل تفعيل الدور الإعلامي للمرأة البحرينية والارتقاء بواقعها المهني.