عواصم - (وكالات): استهدفت القوات السعودية التي تقود تحالف دعم الشرعية في اليمن «إعادة الأمل» براً وجواً تجمعات لمسلحين حوثيين كانوا يطلقون القذائف على الجانب السعودي من الحدود، فيما تستمر الاشتباكات العنيفة جنوب البلاد بين قوات المقاومة الشعبية الموالية لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي والمتمردين الحوثيين وميليشيات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، خاصة في مدينة تعز التي تتعرض لحرب إبادة جماعية من ميليشيات الحوثي، حيث قصف المتمردون سوقاً تجارية وأحياء سكنية بالمدينة، بينما تحدثت مصادر من المقاومة بمدينة الضالع عن سقوط العشرات من الحوثيين وقوات صالح بين قتيل وجريح أثناء معارك عنيفة بمحيط المدينة، قبل أن تتمكن المقاومة من إحكام قبضتها على المدينة بعد أن سيطرت على مواقع حيوية فيها منها «اللواء 33 مدرع»، ما يعد أكبر انتكاسة للمتمردين جنوب البلاد، كما فتحت جبهات قوية في مأرب والجوف وعدن وتمكنت من دحر ميليشيات المتمردين فيها.
في غضون ذلك، تتضاءل فرص التهدئة مع تاجيل محادثات السلام التي كانت مقررة في جنيف إلى أجل غير مسمى. وأفادت مصادر على الحدود السعودية اليمنية بأن القوات السعودية استهدفت براً وجواً تجمعات لمسلحين حوثيين كانوا يطلقون القذائف على الجانب السعودي من الحدود.
وقالت المصادر إن الحوثيين أطلقوا قذائف الهاون والكاتيوشا على قرى حدودية سعودية في منطقتي جازان والظهران جنوبا. وأوضحت أن المدفعية السعودية استهدفت تلك المجاميع الحوثية وتجمعات أخرى في الجزء الشمالي والغربي من الحدود. يشار إلى أن قصف الحوثيين للأراضي السعودية أسفر مطلع الشهر الجاري عن استشهاد 4 مدنيين وقائد دورية أمنية في منطقة نجران.
وكانت السلطات السعودية أخلت قرى سعودية قريبة من الحدود بعد تكرار استهدافها من قبل الحوثيين، وهو ما حد من النتائج المترتبة على القصف الحوثي.
في غضون ذلك، أفادت مصادر في المقاومة الشعبية بمدينة الضالع بأن عشرات من الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع سقطوا بين قتيل وجريح أثناء معارك عنيفة في محيط المدينة.
وأكدت المصادر أن المقاومة في الضالع سيطرت على عدة مواقع، أبرزها موقعا الخزان والخربة المطلين على معسكر عبود حيث تتمركز قيادة اللواء 33 شمال المدينة.
كما سيطرت المقاومة على مواقع القشاع والمظلوم ومعسكر الجرباء، فضلاً عن موقعي حياز ولكمة الجحفر على بعد 10 كيلومترات شمال شرق المدينة.
وذكر مصدر في المقاومة أن المقاتلين المناوئين للحوثيين سيطروا على 6 دبابات من داخل معسكر الجرباء.
وتأتي هذه التطورات، في وقت شن فيه طيران التحالف العربي غارات جوية على معسكرات ومخازن للأسلحة في مناطق مختلفة من العاصمة صنعاء، كان آخرها كلية الطيران والدفاع الجوي في شارع الستين الغربي.
وأعلنت قوات التحالف أنها شنت غارات على منزل المخلوع في صنعاء ودمرته بالكامل.
وفي تعز، أفادت مصادر محلية بأن مسلحي الحوثي قصفوا أحد الأسواق التجارية. وبث ناشطون صورا قالوا إنها للمحال التجارية التي قصفتها قوات الحوثي الليلة الماضية مما أدى إلى احتراق عدد منها.
وقالت تقارير إن الحوثيين وقوات صالح أطلقوا قرابة 300 قذيفة من الدبابات والمدفعية على مناطق سكنية تسيطر عليها المقاومة في محاولة لاقتحامها والاستيلاء عليها، إلا أنها فشلت في تحقيق أي تقدم.
وأوضحت ان المقاومة صدت محاولات الحوثيين للتقدم نحو المناطق التي تسيطر عليها في أحياء القاهرة وشارع الستين والمرور وحوض الأشراف.
وأشارت مصادر إلى نزوح كثير من الأهالي إلى خارج المدينة، وإلى معاناة السكان من شح المواد الغذائية ومياه الشرب والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.
ووفق المصادر، فقد أسرت المقاومة الشعبية 11 مسلحاً من مليشيات الحوثي وقوات صالح في منطقة الزنوج غرب تعز.
في غضون ذلك، قالت الحكومة اليمنية إن تعز تتعرض لحرب إبادة جماعية من قبل مليشيات الحوثي والقوات الموالية لصالح، وطالبت في بيان لها مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية.
واستيقظ الأهالي على قصف مدفعي بكافة أنواع القذائف والمدفعية في كل أنحاء المدينة على الأحياء السكنية مخلفة عشرات القتلى من المدنيين. القصف طال أيضاً المستشفيات وخاصة مستشفى الثورة العام، إلى جانب قيام قناصة محترفين بقتل طواقم الأطباء والمسعفين.
وأطلقت الحكومة الشرعية نداء استغاثة إلى المجتمع الدولي تطالبه بتحمل مسؤولية حماية المدنيين في تعز ووقف الإبادة الجماعية بحقهم. وقتل 35 شخصاً بينهم 30 مسلحاً من المتمردين ومن عناصر قوات الجيش الموالية لصالح في معارك بمناطق متفرقة من المدينة.
وذكر مسؤول محلي أن المعارك بين الحوثيين وحلفائهم، و«المقاومة الشعبية»، احتدمت خصوصا في شارعي الستين والخمسين وفي حوض الإشراف وسط المدينة وفي أطرافها الشمالية والغربية.
وأفاد سكان بأن قوات الحوثيين وصالح تقصف منذ ساعات الصباح الاولى بالدبابات وقذائف الهاون احياء سكنية. وقال بسام القاضي، وهو أحد سكان شارع المغتربين، «لقد أسفر القصف عن سقوط قتلى وجرحى كما أن الدمار هائل في المباني».
وأضاف «ما يحدث في تعز هو مجزرة بحق أبناء المدينة التي تعد نواة للانتفاضة التي أطاحت بحكم صالح وهو اليوم مع الحوثيين ينتقم منها».
وتدور معارك منذ أكثر من شهر بين المقاومة الشعبية من جهة ومسلحي الحوثي والقوات الموالية لصالح في عدة مناطق بينها تعز وعدن والضالع، بعد أشهر من سيطرة مسلحي الجماعة على العاصمة صنعاء وشنهم هجوما على عدن.
وأكدت مصادر يمنية نجاح المقاومة الشعبية وقوات الجيش التابعة للرئيس هادي في فتح جبهات قوية في عدن والضالع ومأرب والجوف، ودحر الميليشيات، مشيرة إلى أن ما يقلق الحوثيين وقوات صالح التحركات الجادة على جبهة الجوف صعدة، والانتفاضة الشعبية داخل العاصمة اليمنية صنعاء التي ترفض تواجد الميليشيات.
الضربات الموجعة لطيران قوات التحالف تمكنت أيضاً من تحقيق انتصارات متتالية على الحوثيين، الذين سجلوا تراجعاً لصالح اللجان الشعبية في جميع الجبهات القريبة من مأرب وبخاصة في صرواح وحريب والجدعان، كما كبدتهم خسائر بشرية ومادية.
وتطوي العملية العسكرية الجوية التي اطلقها التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين وقوات صالح، شهرها الثاني.
وكان التحالف التزم بهدنة إنسانية لـ 5 أيام حتى 17 مايو الجاري، إلا أنه استأنف ضرباته بقوة بعد ذلك.
ودعت الأمم المتحدة إلى محادثات سلام في جنيف، إلا أن هذه المحادثات التي كان يفترض أن تنطلق بعد غد الخميس، أرجئت من دون تحديد موعد جديد لها.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعلن الاجتماع آملاً بأن يساعد «في إحياء العملية السياسية في اليمن والحد من أعمال العنف وتخفيف العبء الإنساني الذي بات لا يحتمل».
وكان مقرراً أن يبدأ المؤتمر الخميس المقبل ويستمر 3 أيام وسط غموض حول هوية المشاركين فيه.
لكن الحكومة اليمنية اشترطت للتوجه إلى جنيف أن ينسحب المتمردون الحوثيون من المناطق التي احتلوها.
وخلال لقاء مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ في الرياض، دعا الرئيس عبد ربه منصور هادي الأمم المتحدة إلى «بذل مزيد من الجهود لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 باعتباره المرجعية الرئيسة الناظمة لعملية الانتقال السلمي باليمن». ويطلب القرار 2216 خصوصاً من الحوثيين التخلي عن الأراضي التي سيطروا عليها وإعادة الأسلحة التي استولوا عليها من الجيش وأجهزة الدولة.
وفي تعليق على المحادثات المقترحة في جنيف، أعرب الباحث والمحلل السياسي اليمني علي البكالي عن تخوفه من مؤتمر يهدف إلى صيغة «تقاسم طائفي» لليمن. وقال «إن الهدف من مؤتمر جنيف قد يكون طرح صيغة تقاسم جيوطائفي للدولة وللسلطة تكون أقرب إلى النموذج اللبناني». وتساءل «ماذا فعل مؤتمر جنيف لسوريا. لم نسمع من مؤتمر جنيف أي حل للأزمة السورية والحرب مستمرة منذ سنوات».