عندما يقتل أكثر من 49 مسلماً في نيوزيلندا على يد أحد الإرهابيين والمتطرفين وتكون هناك منظمة إرهابية كـ «داعش» تتعمد قناة الدجل والفبركة والتي تدعي المصداقية والرأي والرأي الآخر في تهميش هذا العمل الإرهابي، وقبلها بفترة سخرت جميع برامجها ونشراتها لأكثر من شهرين لحادثة الصحفي جمال خاشقجي.

ما يحدث هو أن قناة «الجزيرة» أثبتت للعالم في أقل من ثلاث شهور بأنها قناة غير مهنية وأنها تتبع سياسة الفوضى المكشوفة علناً، وأنها تعمل على الاضرار بالدول وحكوماتها بطريقة مباشرة وخير مثال هو حجم التغطية الإعلامية التي قامت فيها بالحادثين المذكورين سابقاً.

والواقعية الإعلامية تقول إن الحدث يفرض نفسه في أجندة غرف الأخبار وهذا الأمر متعارف عليه على مستوى المؤسسات الإعلامية، وبحجم حادثة نيوزيلندا كونه عمل إرهابي قامت القنوات العربية غير الموجهة بتغطية هذا الحدث بشكل مكثف لأن الحدث فرض نفسه، ويجب التركيز عليه في أولى الأخبار في النشرات، إلا أن هذه المهنية لا تعترف فيها قناة الدجل والفبركة.

وأنا أكتب هذا المقال ليس للذين كشفت لديهم النوايا والخبايا الخبيثة لقناة الجزيرة، ولكن أكتبه لإيصال رسالتنا للشعب القطري المغيب منهم والذي أوهمهم النظام بأن ما تقوله الجزيرة هو دائماً الخبر الصحيح أمــــا الآخرون فهم متآمرون ضد قطر وشعبها، وهـــــذا الحديث يجرنا إلى ما صنعته تلك القناة في عقول الشعب، فـــــلا تجادل قطري أو متابع متعصب للجزيرة، فهــــو داخل الصندوق الذي صنعته له هذه القناة ولا يمكــــن أن يخرج عنه لعلمه الكامل بأن هذه الصنـــــدوق هو ضمان بقاءه في أرض قطر، فبمجرد أن يفكر خارج الهلام الذي رسمه النظام فإنه سيصبح كباقي المنفيين.

وحسب ما لدي من العلم القليل في مجال التغطية الإعلامية فهناك محددات رئيسية في جعل هذا الحدث ذات صبغة حيادية، وأهمها عدم إغفال جانب على حساب الآخر، وفي الوقت نفسه كما ذكرت سالفاً أن الحدث المهم يفرض نفسه في قاعات التحرير، وهذا يثير فوضى صحية بتلك القاعات في تناول الحدث في أكثر من زاوية، وهذا بالضبط ما حدث في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي عندما تناولت الجزيرة قصص منها مؤلفة في هوليود، إضافة إلى مكوثها ليل نهار في موقع السفارة السعودية وتخيمها بتلك المنطقة، وفي المقابل قبل أسبوع أكثر من 49 مسلما قتلوا في عمل إرهابي مدبر في نيوزيلندا لم تتعب هذه القناة نفسها بأن تكون جزءا من المشهد العربي الإسلامي.

ما سأقوله في نهاية المطاف، ان قناة الجزيرة ماكينة إعلامية تفرخ لنا العاهات من بعض المذيعين والمعلقين والمحللين، وتضعهم بالشاشات لكي يكونوا «كومبارس» للشعب القطري ولمشاهديها الذين لم تصلهم القناعة بأنها قناة لنشر الفكر المتطرف ودعمها للإرهاب في شتى بقاع العالم، وانني أرى أن إغلاق قناة «الجزيرة» فقط، يعني نهاية الأزمة القطرية، وأن منبع الإرهاب في الشرق الأوسط منذ عام 1996 قد صنعته هذه القناة، وأن بقائها بهذه الصورة المخزية سيجعل صورة العرب في العالم الغربي سيئة ولن تتطور لأنها جزء رئيس من المخطط الإسرائيلي في تشويه صورة الإسلام لدى شعوب العالم.