دبي – صبري محمود

شهدت فعاليات اليوم الأول من منتدى الإعلام العربي، العديد من الجلسات المهمة بالإضافة الى جموعة من ورش العمل والأنشطة والفاعليات الهادفة. من جانبه، أكد سفير المملكة العربية السعودية لدي دولة الإمارات العربية المتحدة، تركي الدخيل، أن "الإعلام والدبلوماسية وجهان لعملة واحدة، وأن السياسة منظومة يتفرع عنها مختلف الفروع السياسية ومنها الدبلوماسية، وأن هناك تقاطعاً كبيراً بين الإعلام والسياسة اللذين يعتبرهما وجهين لعملة واحدة، إلا أنه مع ذلك التشابه قد تختلف الدبلوماسية عن الإعلام في طريقة ووقت وأدوات التعبير، مقارنة بالإعلام الذي قد يكون فيه الإعلامي في حِلٍ من أية تحفظات أو حسابات تمنعه من التعبير عن رأيه في أية وسيلة إعلامية أو حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

وأشاد الدخيل "بعمق العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية". ولفت إلى "أهمية منصات التواصل الاجتماعي في خدمة عالم الدبلوماسية، حيث لم تعد الشؤون الدبلوماسية مجرد مبنى لاستخراج التأشيرات وإعداد التقارير السنوية ورفعها للبلد الأم، لكنها أصبحت تقوم على التفاعل الحقيقي مع الناس والدبلوماسية الشعبية من خلال منصات التواصل الاجتماعي ومشاركتهم أفراحهم وأطراحهم".



ووصف الدخيل العلاقات الدبلوماسية التي تربط الدول الخليجية بأنها "أشبه بالعلاقة بين أفراد العائلة الواحدة، التي يتنقل أعضاؤها ضمن بيت خليجي واحد وعلى درجة عالية من الخصوصية"، مشيراً إلى أن "مفهوم الدبلوماسية حالياً تبدّل عما كان عليه في السابق، فبدلاً من إرسال الوفود وعقد المباحثات أصبح التعامل بين الدول عبر الهاتف ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي أسهل وأسرع، فأصبحت البيانات تُكتب في سطور والرسائل والمواقف تُعلن بسهولة ويسر".

وعرض لبعض القصص التي رافقت اختياره سفيراً للمملكة العربية السعودية لدى دولة الإمارات، حيث كان تقديم أوراق اعتماده الأسرع في تاريخ العمل الدبلوماسي العربي، وبعد حلفه اليمين أمام خادم الحرمين الشريفين بأربع ساعات فقط، مشيراً إلى الحفاوة والاستقبال الأخوي الذي حظي به في دولة الإمارات من قبل المسؤولين في الدولة.

واختتم الدخيل الجلسة التي امتدت على مدى 20 دقيقة بالإشارة إلى "عشقه للعمل الإعلامي"، وأنه اختار أن "يكون إعلامياً لكنه اُختير ليكون دبلوماسياً وهو ما يفخر ويتشرف به"، مشيراً إلى "المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الدبلوماسي لتقديم خير تمثيل لبلاده والعمل على تعزيز علاقاتها بالدول".

قرداحي: تعاظم دور الإعلام في شتى المجالات

أكد الإعلامي جورج قرداحي خلال جلسته ضمن فعاليات اليوم الأول من المنتدى، تعاظم دور الإعلام في شتى المجالات، إذ صار يحتل حيزاً كبيراً من الحياة اليومية للجمهور ويترك فيه تأثيراً وانطباعات قوية تتراوح ما بين الإيجابية والسلبية، فهناك المحتوى الجيد القائم على احترام اخلاقيات المهنة وإلى جانبه المحتوى التحريضي الهادف إلى نشر التعصب والفتن.

وأشاد بالدور المهم والنشط لدولة الإمارات في نشر ثقافة التسامح حول العالم لتكون معولاً للبناء والتقدم في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها المنطقة والعالم والتي اسفرت تداعياتها عن انتشار الفكر التحريضي ورفض الآخر.

وأضاف قرداحي ، أمام حشد كبير من القيادات الإعلامية، أن رسالة التسامح يجب أن تتسم بالاستدامة للحيلولة دون استعمالها كشعار مرحلي، وانطلاقاً من هذه الفكرة ينبغي على المؤسسات الإعلامية والقائمين عليها تطوير خطط إعلامية طويلة الأمد لترسيخ ثقافة التسامح بين الجمهور، مشيراً إلى ضرورة توافر عنصر الإرادة لتطبيق مثل هذه المبادرات.

إعلاميون: مكافحة خطاب الكراهية

أكد إعلاميون وخبراء أن "مكافحة خطاب الكراهية والتحريض على العنف والإرهاب والتمييز مسؤولية مشتركة للحكومات والمجتمعات والمنظمات الدولية، مشيدين بنهج التسامح في دولة الإمارات".

جاء ذلك في الجلسة النقاشية التي حملت عنوان "خطاب الكراهية"، ضمن فعاليات اليوم الأول للمنتدى.

وأكد الإعلاميون والخبراء المشاركون في الجلسة أن "دولة الإمارات كانت سبّاقة عالمياً في مكافحة خطاب التطرف والكراهية من خلال وضع منظومة تعليمية متطورة تحث على التعايش والحوار، وقوانين تنشر قيمة التسامح وتجرّم التمييز والتطرف، إضافة إلى إنشاء مؤسسات ومعاهد ومراكز تعزز هذا المفهوم في المجتمع وتدعو له عالمياً"، مشددين على "الدور الذي يجب أن تقوم به وسائل الإعلام في مكافحة هذه الظاهرة ذات التأثيرات السلبية من خلال التحلي بالموضوعية ونشر القيم الإنسانية".

وشارك في الجلسة الدكتور علي النعيمي، رئيس بوابة العين الإخبارية، والدكتور فهد الشليمي، رئيس منتدى الخليج للأمن والسلام، ومحمد الملا، مقدم برنامج "ديوان الملا"، وأدارها الإعلامي والكاتب السياسي نديم قطيش، حيث ناقشت الجلسة موضوع صناعة الكراهية التي أصبحت واحدة من الأدوات المؤثرة في زعزعة السلام الاجتماعي للدول، من خلال التأثير في آراء وسلوك المجتمعات المستهدفة.

من جانبه، أكد فابريس فريس، رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لوكالة الصحافة الفرنسية، أن "وكالات الأنباء لم تعد المصدر الأول والحصري للأخبار ولكنها المصدر الأكثر موثوقية"، مشيراً الى أن "دور وكالات الأنباء كمصدر أساسي للمعلومات الموثوقة بات أكثر أهمية في الوقت الحالي في ظل الموجات المتلاحقة للمعلومات المضللة والأكاذيب التي تنطلق غالباً من منصات الوسائل التواصل الاجتماعي".

وأضاف فريس أنه "على الرغم من فقدان الميزة النسبية الكبيرة المتمثلة في احتكار وكالات الانباء لوصف "المصدر الأول والوحيد للأخبار" على مدى قرن ونصف من الزمان وتنازلها عنه مضطرة لشركات التقنية الكبرى، إلا انها لم تفقد الكثير جراء هذه المنافسة الشرسة وذلك بفضل ميزة الموثوقية التي اكتسبتها وكالات الأنباء بفضل الآلية المتكاملة التي تتبعها للتحقق من الأخبار".

وأرجع فريس "الأهمية المتزايدة لعنصر الموثوقية إلى موجات المد المتزايدة من الأخبار المزيفة والمضللة والتي أرخت بسدولها لتغطي وجه الحقيقة في كافة أرجاء العالم". وقال فريس إن "الوكالة وعلى مدار تاريخها الطويل اعتادت نشر الأخبار والتقارير عن الحقائق فقط وليس الشائعات، ولكن ذلك لم يعد كافياً في الوقت الحالي لذلك بدأت في بذل جهوداً مضاعفة للعمل على فضح الزيف ومجابهة الأكاذيب والحقائق المشوهة ما يعد تغييراً جوهرياً في آلية عمل الوكالة بغية تلبية متطلبات المرحلة الراهنة"، لافتاً أن "عملية التأكد من صحة المعلومات تتطلب وجود صحافيين في الميدان ومختصين في تقنية المعلومات".

وأشار فريس إلى أن "حجم التحديات المرتبطة بعملية التحقق من المصداقية كبير جداً لذلك قامت وكالة الصحافة الفرنسية بعقد شراكة استراتيجية مع "فيسبوك" للتأكد من مصداقية المحتوى المنشور على موقع التواصل الاجتماعي الشهير في 20 دولة وبأربعة لغات هي: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية".

وعن الضغوط المالية التي تواجه وكالات الانباء والتي ترجع في الأساس إلى كبر حجم العمل، قال فابريس إن "وكالة الصحافة الفرنسية على سبيل المثال تنتج نحو 5000 آلاف نص، و3000 صورة، و250 مقطع فيديو في اليوم، وأكثر من 600 ساعة من التغطية الحية في الشهر وهو ما يتطلب موارد مالية كبيرة، مشدداً على أن الوكالة ونظراً لما تحظى به من شهرة كبيرة في مجال الصور الصحافية عالية الجودة تستثمر في الوقت الراهن في هذا المجال إضافة إلى عوائد بيع مقاطع الفيديو".