نحن في عصر أصبحت كثير من الأمور غير المنطقية مقسومة بين أمرين، إما عادي أو كما يقال «ليست من شؤوننا»، لذا ترى مظاهر وتصرفات في المجتمع، لم تكن مألوفة أو مقبولة حتى، وأصبحت بارزة في كل مكان وحدث وتفرض نفسها.

منها ظهور بعض الرجال -لا أدري هل أستطيع تسميتهم برجال- بمظهر وزينة نسائية، وظهور بعض النساء بمظهر الرجال، حتى أنه أصبح من الصعب على الناس تمييز جنس الكائن الذي يشاهدونه، الأمر ليس مبالغة في الوصف بل حقيقة ألاحظها في كثير من الأماكن سواء أماكن العمل الحكومية منها والخاصة، وكذلك المدارس والجامعات والمجمعات التجارية وغيرها.

بالرغم من أن المجتمع البحريني كان ولا يزال يرفض وينبذ أي مظهر من مظاهر الشذوذ الشكلي لدى الجنسين، بل يشن عليه حملات قاسية، إلا أن هؤلاء كسروا حاجز الخوف والحياء وأصبحوا ظاهرين وبشكل علني أمام الجميع.

وجدت قبل أيام إنساناً لم أستطع تمييز جنسه بسبب شكله الغريب، فلا الصوت صوت أنثى، ولا الزينة زينة الرجال! حتى أني لم أعلم كيف أوجه إليه السؤال هل بصيغة المذكر أم المؤنث؟ الأمر الذي جعله يتحسس ويمتعض، وكأنني أنا المخطئ! أنتِ أو أنت لم تحترم خلقك وآدميتك، فلا أنت في فريق الرجال ولم تفلح في الانضمام لفريق النساء. الأمر ذاته موجود لدى الفتيات حين تراهن بشكل وسلوك ذكوري فلا تعلم بما تناديهن؟! ولا أعلم ما شعورهن والناس تعتقد بأنهن ذكور ويعاملنهن على أنهن ذلك؟!

وهناك من يعذر ويتعاطف مع أمثال هؤلاء بأن لديهم صراعاً نفسياً، واضطراباً هرمونياً، وهو عذر كاذب ولا علاقة له بأي من هذه الأسباب، وهي دراسة أجرتها الجمعية الأمريكية لعلم الوراثة البشرية في 2012 على أكثر من 23 ألف شخص لتحديد الجينات المرتبطة بالشذوذ خلصت إلى أنه لا علاقة للجينات والهرمونات بالسلوك البشري المرتبط بالميل الجنسي.

مجتمعنا الشرقي لديه خطوط حمراء، وهي تنبثق من الفطرة الإنسانية، كاحترام الجنسين لبعضهم البعض، واحترام الجنس لنفسه، حيث يعتز الرجل فيها برجولته وقوامته ومسؤولياته المختلفة في المجتمع، مثله مثل المرأة المعروفة بحيائها وحشمتها والأهم أنوثتها الشرقية.

وبمجرد أن يتخلى أي شخص عن هويته البشرية ويتقمص دور لم يُكلف به لا من الخالق ولا من المخلوق يصبح في دائرة الشذوذ الفكري والنفسي، لا يعلم ما هو وما يكون. والغريب أنه يطلب من المجتمع تقبل سلوكه واحترام حريته الشخصية. وشخصياً أوجه اللوم في المقام الأول لأهل وأولياء أمور هؤلاء! ألا تلاحظون أبناءكم وتصرفاتهم وهيئتهم؟ ثم إلى كل مسؤول في مكان عمل أو صرح تعليمي أو مكان عام، بأن استهان بوجود هؤلاء الشواذ من البشر وسمح لهم بالاختلاط وفرض أفكارهم وشذوذهم أمام الجميع.

لدينا قوانين للذوق العام ولدينا عرف مجتمعي وأهم من ذلك لدينا دين وقيم توجهنا، وكلها ترفض أن نقبل من هؤلاء أن يفرضوا أنفسهم وأفكارهم على مجتمعنا. مجتمعنا كان ولا يزال يحتفظ بذوقه وأخلاقه وحيائه، لذا نرجو أن لا ينكسر ذلك الحاجز وتتفلت الأمور. وأختم بأبيات أهديها لمن على شاكلتهم:

إذا لم تخشَ عاقبةَ الليالي

ولم تستحِ فاصنعْ ما تشاءُ

فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ

ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ

يعيشُ المرءُ ما استحيا بخيرٍ

ويبقَى العودُ ما بقي اللِّحاءُ