في ظل الظروف الراهنة، يجب أن تكون مراقبة حركة التجارة والتجار في البحرين في أعلى درجات الجهوزية، وأن تفتح الجهات المعنية وعلى رأسها إدارة حماية المستهلك أعينها بشكل جيد لأجل عدم تمادي بعض التجار وبعض المؤسسات التجارية من استغلال الوضع الراهن لتثبيت مصالحهم فقط، حتى ولو تضاربت مصالحهم مع مصالح المواطنين.

حين عرضت إحدى الشركات التجارية على موقعها الإلكتروني أحد الأجهزة الإلكترونية للبيع وفق عروضها الخاصة، وهذا الجهاز عبارة عن «آي باد». قامت ابنتي بشراء الجهاز من خلال الموقع، وتمت عملية الدفع إلكترونياً عبر الموقع بنجاح، ثم جاءتها رسالة من الشركة بأن الجهاز المطلوب سوف يصلك عند باب المنزل بعد يومين من العمل. بعد ثلاثة أيام، وصلتها رسالة بأن الجهاز غير متوفر، وأن المبلغ سوف يعود في حسابكم، لكن بعد 14 يوماً.

إبنتي كانت في أمس الحاجة إلى الجهاز لطبيعة عمل الجامعات عن بعد خلال هذه المرحلة الحساسة. لكن السؤال الأهم هو، كيف يتم عرض سلعة على الموقع الإلكتروني غير متوفرة أصلاً، مما يسبب إرباكاً للجميع؟ وفي حال تم نفاد الكمية المعروضة عبر الموقع الإلكتروني، لماذا لا تزيل الشركة العرض من الموقع فوراً، لكن مع الأسف ظل الجهاز معروضاً في موقعها لأيام طويلة؟ أليس هذا نوع من أنواع العروض الوهمية؟ أليس الأجدر بالشركة أن تقوم -بدل توريطها المستهلك- بضرورة سحبها الإعلان في نفس الوقت الذي نفدت فيه الكمية من المخازن المخصصة للشركة؟ وأخيراً، حين يكون الدفع عبر «الدبت/بنفت»، ألا تعتبر هذه العملية تمت على شكل دفع نقدي»كاش»؟ وليس كدفع على طريقة «دِبت»؟ وبالتالي يجب استرجاع المبلغ بعد يومين كحد أقصى؟

بعد كل هذه المماطلات من الشركة، قمت شخصياً بالاتصال بإدارة حماية المستهلك، وطرحت عليهم الأسئلة ذاتها، فأخبروني بأن كل إجراءات التاجر صحيحة، فهو «مش غلطان» في حالتك، فإذا نفدت السلعة المعروضة عبر الموقع الإلكتروني والإعلان مازال ساري المفعول، فهذا الخطأ لا يتحمله التاجر. على الرغم من أنني أوضحت لحماية المستهلك بضرورة أن يحجب الإعلان، لأنه لو تم وضعه مع نفاد الكمية فهذا يعتبر من العروض الوهمية، وينطبق على البنود الخاصة بجواز الشكوى حسب البند الثاني والثامن والتاسع الخاص بحماية المستهلك. أمَّا فيما يخص استرجاع المبلغ بعد أسبوعين من عملية البيع الوهمية هذه، فقد أخبرتني إدارة حماية المستهلك، بأن للتاجر حق إعادة المبلغ في الوقت الذي يحدده ويراه مناسباً. وأخيراً، أخبرتني الإدارة بأنني لا أملك حق الشكوى، لأن المبلغ سيعود إليك ولو بعد حين!

ليس المبلغ هو المشكلة، وليس توفر الجهاز هو المشكلة الأخرى، بل وليس التاجر هو المشكلة الحقيقية، لكن المشكلة أن تتم صياغة القوانين وفق مصلحة التاجر وليس وفق مصلحة المستهلك، وأن كل التفسيرات والتأويلات للقوانين يمكن أن تفسرها الإدارة حسب ما يتفق ومصلحة التاجر فقط.

أخبرني أحد الأصدقاء من أصحاب الخبرة في هذا المجال بعد أن عرضت عليه هذه المشكلة كأنموذج للوهم التجاري، وأني سوف أبعث بشكوى لإدارة حماية المستهلك، ضحك في وجهي وقال: لن ينفعوك بشيء، ولن تستفيد من شكواك أي شيء. وهذا ما حصل بالفعل.

ليست «مشكلتي البسيطة» هي الفكرة الأساسية التي كنت أود التطرق إليها من خلال طرح هذا الموضوع، وإنما الفكرة الحقيقية تتجلى من خلال هذه المرحلة الحرجة، وهي أن تقف حماية المستهلك مع المستهلك وليس مع التاجر، أن تقف معنا وليس ضدنا. وإذا كانت هناك قوانين مشبوهة تخص حماية التاجر وليس المستهلك مع الأسف الشديد، سيكون من واجب الإدارة تغيير وتصحيح مسار تلكم القوانين، خاصة في ظل الظروف الإستثنائية التي تمر بها البلاد.