تشير التقديرات الحالية إلى أنه من المتوقع أن تزداد أعداد الإصابات بوباء «كورونا» تدريجيا في الأسابيع القادمة إلى أن تصل ذروتها في شهر يونيو القادم، وذلك في الدول الملتزمة بالإغلاق العام إلى أواخر شهر أبريل، وأن تداعيات الأزمة على كافة الأصعدة لن تنتهي قبل شهر سبتمبر من هذا العام. ومن ثم فمن المتوقع في ظل هذا السيناريو أن يتعين على الحكومات بذل مزيد من الجهود التنسيقية وفرض إجراءات إضافية خلال الستة شهور القادمة للتعامل مع الوباء واحتوائه على المستوى الداخلي.

تتطلب جميع هذه التوقعات المستقبلية استخدام البيانات وتسخير تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التعامل مع التغيرات المترتبة على الزيادة المحتملة في أعداد الحالات وتعزيز اجراءات مكافحة الوباء في المراحل القادمة. وفي الوقت الحاضر، أخذت بعض الحكومات في بعض البلدان، مثل البحرين والصين وأستراليا، خطوات فعلية في هذا الاتجاه، وانتهاج سياسة التسجيل الإلزامي والفوري للبيانات الصحية الشخصية، والمراقبة الإلكترونية لتنقلات الحالات المصابة والمشتبه أثناء فترة الحجر المنزلي بواسطة الهواتف المحمولة وتقنية (QR code) وشركات الاتصال، كأحد تدابير السيطرة على انتشار الوباء على المستوى الداخلي.

ويمكن الاستفادة في المرحلة القادمة من قاعدة البيانات الصحية المسجلة لحالات الوباء، لاسيما بعد انقضاء فترة الإغلاق العام والعودة الجزئية للعمل وفتح المحلات التجارية، في إجراء التحليلات اللازمة وصنع القرار، وكذلك من خلال استخدامها كوسيلة لإثبات الحالة الصحية للأشخاص بإظهار إشارة في تطبيق البيانات المعتمدة ترمز للحالة الصحية مع إمكانية إرسال البيانات عبر البريد الإلكتروني؛ كي يتسنى للمؤسسات العامة والخاصة من التحقق والتأكد من ما إذا كان الشخص المنتمي لها أو الراغب في دخولها سليم أو مخالط أو متعافى. سوف تسمح هذه الطريقة للمؤسسات الحكومية والتجارية والصناعية والتعليمية بالمشاركة في عملية الحد من انتشار الوباء، والتأكد من وجود حالات وباء من عدمها في مساحتها، وأخذ الإجراء وتقديم المساعدة اللازمة.

كما يمكن أيضاً لهذه المؤسسات، خاصة ذات العمالة أو المراجعات الكثيفة والمزدحمة منها مثل المطارات الرئيسية والمجمعات التجارية والمحلات الكبيرة لبيع الأغذية والمواد الاستهلاكية والمصانع الكبيرة، المشاركة في عملية الكشف المحتمل عن المصابين في مساحاتها عن طريق إستخدام أحد التكنولوجيات المتوفرة حسب حجمها وميزانيتها، مثل كاميرات المراقبة الحرارية التي تستخدم في فحص درجة حرارة الأجسام عن بعد أو مقياس الحرارة الإلكتروني أو اعتماد تطبيقات الهاتف المحمول لقياس الحرارة بواسطة لمسة الأصبع.

وكذلك يمكنها المساعدة بالتبرع لتوفير هذا النوع من الأجهزة التكنولوجية في الأماكن الضرورية مثل أماكن تجمع الأطفال كالمدارس ودور الحضانات واماكن اللعب المغلقة، الأمر الذي سيكون له أثر مفيد ومستمر في حماية الصحة والسلامة العامة حتى بعد انحسار الوباء.

إن اتخاذ هذه الخطوات في الوقت الحاضر وتضافر جهود القائمين في مختلف مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع في المساهمة في الحد من انتشار الوباء يؤدي إلى تقوية قدرات الوقاية والسيطرة على الوباء وتخفيف العبء الملقى على عاتق الحكومات في المرحلة القادمة، ويساعد في تقليل مخاوف المجتمع، والدفع في اتجاه إعادة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعامة إلى حالتها الطبيعية بشكل تدريجي.

* مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة