أ.د. فراس محمد
شرق وغرب
ملابس البشر وأزياؤهم مرت بمراحل عدة، وتطورت حسب تعدد الأغراض منها، فبدأت بغرض واحد وهو ستر الجسد، ثم تطورت مع تطور الحياة، وأصبح أحد أغراضها حمل النقود وحفظها، فصمم الإنسان الجيوب لهذا الغرض، لكن في الواقع تحولت هذه المساحة الصغيرة إلى ثغرة يتفلت منها المال إلى العدم، والثغرة هذه ليست مجرد ثقب صغير إنما هي منظومة معقدة...
فجأة احمر وجهه، وانتفخت أوداجه، وأنزل النافذة مستحضراً قاموس الشتائم الذي يحتوي على كل ما يخجل الإنسان من سماعه، ثم بدأ يلوح بيده موجهاً كل ذلك لسائق آخر ارتكب مخالفة بانتقاله بشكل سريع ومفاجئ من جهة اليمين إلى أقصى اليسار، لكن ما هي إلا لحظات، وبعد أن هدأ تجده خرج من المسار الذي كان فيه والمتجه بشكل مستقيم، إلى المسار الأيمن...
أغلبنا يحدّث نفسه ومن حوله عن بحثه الدائم والمستمر عن الهدوء والعزلة والراحة، ولو فترة الإجازة، ليعود بعدها إلى مهامه اليومية ويكمل حياة الاندماج الجماعي لتستقبل أذنه أصواتاً عدة في آن واحد، لكن يبدو أن ما يحدّث به نفسه أو يعبّر عنه للآخرين أمر لا يتعدى الجانب النظري، وأغلبنا عاشق للانغماس في التكتلات البشرية، ولأثبت لك ذلك...
مما أتذكره من إعلانات التلفزيون في فترة التسعينات، إعلان عن مسرحية كان عبارة عن مقاطع قصيرة منها، يظهر فيها أحد الممثلين في مشاهد مختلفة، الرابط بينها أن المشهد ينتهي بقول الممثل لزميله: «الغباء موهبة» وذلك بعد سماع تعليق أو رأي يبيّن طريقة تفكير المقابل وعلاجه للأمور، وهي عبارة لم تأتِ من فراغ، فيبدو أن الغباء والتغابي مفاتح...
قبل أكثر من ثلاثين سنة كانت البرامج العلمية والمقالات في الصحف تتحدث عن المستقبل القريب -الذي نعيشه الآن- وكيف ستقرب التكنولوجيا المسافات بين البشر وتجعل تواصلهم سهلاً ومستمراً، وعندما عشنا المستقبل الذي تحدثوا عنه، وجدنا ما وعدوا به بالفعل، فبحركة بسيطة على جهاز الهاتف نتحدث بالصوت والصورة، أو بالكتابة أو برسالة صوتية مع أي...
في إحدى الجلسات، وبينما كنا نتحدث نحن أبناء جيل واحد، جاء الحديث على ذكر الجيل الجديد، وهو موضوع يفتح ويناقش في أغلب المجالس، فبادر أحدنا وبيده قدح الشاي، وكأنه أحد الفلاسفة المعاصرين بقوله: "يا إخوان، هذا جيل ضايع، جيل لا يعرف قيمة الوقت والقيم، جيل لا يوقر الكبير، ولا يقدم المساعدة، ثم ختم حديثه بمع الأسف ممزوجة بحسرة وكأنه...
أنا ومن هم من فئتي العمرية ننتمي إلى جيل يعرف بجيل (X) وهو جيل تميز بكونه جسراً بين العالم التقليدي والتكنولوجي الحديث، فقد عشنا طفولة وشباباً كانت الأجهزة الكهربائية والإلكترونية التي نستخدمها في حياتنا اليومية تعد على أصابع اليدين، فما نستمع إليه يأتينا من الراديو والمسجل، والمحادثات أكبر تكنولوجيا فيها كانت بواسطة الهاتف...
هو تطبيق صغير بداخل هاتفك يختبئ في مساء كل يوم بجانب سريرك وأنت تستعد للنوم، عند نومك تعتبره صديقك المعين، لكنه وبعد ساعات يتحول في نظرك إلى عدو يتلذذ بتعذيبك، وذلك في ساعة الصباح الأولى، تصور! أنت من دفعت ثمن جهاز الهاتف، وأنت من وضعته قرب سريرك، وأنت من برمجته ليوقظك، وعندما يعمل كما خططت له، تستيقظ على صوته، وتود لو تكسره في...
في سبتمبر 2022 كان فيليب باكسون يقود سيارته عائداً إلى منزله في ولاية كارولينا الشمالية في أمريكا بعد حفلة عائلية، وكعادة أغلبنا لجأ إلى خرائط غوغل ليجد أفضل طريق للعودة، وبالفعل أرشده النظام إلى طريق مختصر، الأمر بسيط وغير معقّد والرحلة قصيرة، حتى انتهت نهاية مأساوية عندما سقطت السيارة في المياه من جسر منهار منذ مدة.
الحادثة...
ما رأيك أن تتعلم اللغة بدون معلم في 30 ثانية، وما رأيك أن تتعلم البرمجة في 30 ثانية أيضاً، وعلى هذا الأساس ما رأيك أن تكون شخصاً موسوعياً في 30 دقيقة، هذه العبارات تجدها في منشورات تيك توك وإنستغرام وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي، مقاطع يدعي أصحابها أنهم يقدمون محتوى هادفاً، ويقدمون للجمهور وعوداً بتحويلهم إلى نوابغ وفلاسفة...
يجلس أحدهم أمام كاميرات القنوات الفضائية، ليبدأ عرضاً مسرحياً، بلغة جسد مليئة بالنظرات الغامضة، والوجه الجاد، وحركات اليد المحسوبة، مبتدئاً كلامه بعبارات، ليس من السهل إعادتها، وبكلام ربما لا يفهمه هو نفسه لعمق الطرح، لاسيما مع مصطلحات مثل «التحولات الجيوسياسية» و«البراغماتية» وغيرها من المصطلحات التي يدرس تعريفاتها طلبة...
قبل قرن من الزمان أو أكثر بقليل، عندما بدأ العالم مرحلة جديدة بعد الحرب العالمية الأولى، وعندما انشغلت دول العالم، بالإنتاج والاختراعات الحديثة، كانت المنطقة العربية في ذلك الوقت في طور إنشاء الدول الحديثة فهي بين بقايا دولة يعاد تشكيلها إلى دول، وأخرى كانت كيانات سياسية أخذت طريقها إلى هيئة الدول الحديثة، العامل المشترك بين...