تتحدث كثيراً، وبسرعة، تخلط بين الموضوعات. أجد صعوبة شديدة في متابعة الحديث معها، والقصص التي تطرحها لا تجذبني ويشعرني أسلوبها في الطرح بالسأم. هي لا تريد إلا أن تتحدث، ولا يعنيها إلا أن أستمع إليها. ليست الحالة الأولى التي تمر علي، فالكثيرون لديهم كم كبير مما يريدون الحديث عنه: عن أنفسهم، وطموحاتهم، والقصص الطريفة أو المحزنة التي مروا بها. البعض يريد أن يسرد عليك مذكراته اليومية. إنهم قوم يشعرون بالعزلة والغربة وعدم الاعتراف بوجودهم ويريدونك أن تصغي إليهم وتتفهمهم.
اضطررت في نهاية المطاف أن أصطف في قائمة الذين يعزفون عن الاستماع لهذه الفئة، لم أعد مضطرة لأن أكون فقرة ثابتة في برنامجهم الدوري، وهذا هو الشعور الطبيعي لأي إنسان تفرض عليه قصص الآخرين وبرامح البوح لديهم. لكنني، وإن كنت لا أملك حلولاً لهم، غير أني أتفهم بواعث سلوكم، فالدراسات السيكيولوجية تشير إلى أن الأطفال الذين يعانون من نقص الحب وقلة الاهتمام يلجؤون للصراخ للفت الانتباه وجذب اهتمام ذويهم، والكبار الذين يشعرون بتدني قبول الآخرين لهم يكونون أكثر انفعالاً وإلحاحاً وقلقاً وعدوانية. إنه وضع مؤلم ومزعج للشخص ولمحيطة، وذلك لأنهم سيتعلقون بأول من يلتفت إليهم، ويستمع إليهم، ثم سيحبطون حين ينسحب هذا الشخص شيئاً فشيئاً من جلسات الاستماع والمملة.
أغلب سكان هذه الفئة يمتلكون رغبة كبيرة في الحضور والاندماج، ولكنهم يشعرون بالغربة والعزلة تماماً كالمهاجر إلى بلاد لا يفقه لغتها، فيتحدث لكن أحداً لا يتفاعل معه. هؤلاء هم في الغالب ضحايا تنشئة قاصرة، لم تحتوهم أسرهم بما يكفي، لم يتقبل الأهل شخصياتهم وحواراتهم بالدرجة التي تشبع غريزة التواصل لديهم، فتضعضعت مهارات الاتصال لديهم وكبروا، وأصبحوا شخصيات غير جاذبة، قليلة الصداقات، متذبذبة العلاقات، غير أن رغبتهم في أن يجدوا من يجالسهم ويصغي إليهم مازالت متقدة.
يعجز هؤلاء، غالباً، عن تطوير شخصياتهم، ليصبحوا أشخاصاً جاذبين، لا يهتمون بتحسين أدائهم الصوتي أو انتقاء موضوعات الحديث، أو التنويع بين السرد وطرح الأسئلة وإدارة حوار مشترك، كما أنهم لا يعون أهمية تفهم الآخرين وتفكيك خلفياتهم لفهم الموضوعات الهامة أو الهامشية بالنسبة لهم، التي ستخلق جلسة مريحة للطرفين. إن إلحاح فكرة أن يتحدثوا وأن يكونوا محور الحديث لتحقيق الشعور المفقود بالانتماء، يبقى مسيطراً عليهم، ومزعجاً لمن يجالسهم.
القبول والتفهم حاجة إنسانية، والعزلة والاغتراب خطر يقاومه الجميع، لكننا حين نطمح إلى بناء حياة اجتماعية نشطة وتشارك فاعل مع شخص أو أشخاص كثر، فإن تلك موهبة ذاتية، ومهارات يمكن تنميتها.، وقبول ذاتي من الآخرين يصعب التحكم فيه أحياناً. لذلك حين لا تجد قبولاً وإصغاء من أحدهم، فارحل، فلست بحاجة لمن يشعرك بأنك متطفل على وقته، وأن حديثك لا يعنيه، وأن جلوسه معك ليس ذا قيمة.
اضطررت في نهاية المطاف أن أصطف في قائمة الذين يعزفون عن الاستماع لهذه الفئة، لم أعد مضطرة لأن أكون فقرة ثابتة في برنامجهم الدوري، وهذا هو الشعور الطبيعي لأي إنسان تفرض عليه قصص الآخرين وبرامح البوح لديهم. لكنني، وإن كنت لا أملك حلولاً لهم، غير أني أتفهم بواعث سلوكم، فالدراسات السيكيولوجية تشير إلى أن الأطفال الذين يعانون من نقص الحب وقلة الاهتمام يلجؤون للصراخ للفت الانتباه وجذب اهتمام ذويهم، والكبار الذين يشعرون بتدني قبول الآخرين لهم يكونون أكثر انفعالاً وإلحاحاً وقلقاً وعدوانية. إنه وضع مؤلم ومزعج للشخص ولمحيطة، وذلك لأنهم سيتعلقون بأول من يلتفت إليهم، ويستمع إليهم، ثم سيحبطون حين ينسحب هذا الشخص شيئاً فشيئاً من جلسات الاستماع والمملة.
أغلب سكان هذه الفئة يمتلكون رغبة كبيرة في الحضور والاندماج، ولكنهم يشعرون بالغربة والعزلة تماماً كالمهاجر إلى بلاد لا يفقه لغتها، فيتحدث لكن أحداً لا يتفاعل معه. هؤلاء هم في الغالب ضحايا تنشئة قاصرة، لم تحتوهم أسرهم بما يكفي، لم يتقبل الأهل شخصياتهم وحواراتهم بالدرجة التي تشبع غريزة التواصل لديهم، فتضعضعت مهارات الاتصال لديهم وكبروا، وأصبحوا شخصيات غير جاذبة، قليلة الصداقات، متذبذبة العلاقات، غير أن رغبتهم في أن يجدوا من يجالسهم ويصغي إليهم مازالت متقدة.
يعجز هؤلاء، غالباً، عن تطوير شخصياتهم، ليصبحوا أشخاصاً جاذبين، لا يهتمون بتحسين أدائهم الصوتي أو انتقاء موضوعات الحديث، أو التنويع بين السرد وطرح الأسئلة وإدارة حوار مشترك، كما أنهم لا يعون أهمية تفهم الآخرين وتفكيك خلفياتهم لفهم الموضوعات الهامة أو الهامشية بالنسبة لهم، التي ستخلق جلسة مريحة للطرفين. إن إلحاح فكرة أن يتحدثوا وأن يكونوا محور الحديث لتحقيق الشعور المفقود بالانتماء، يبقى مسيطراً عليهم، ومزعجاً لمن يجالسهم.
القبول والتفهم حاجة إنسانية، والعزلة والاغتراب خطر يقاومه الجميع، لكننا حين نطمح إلى بناء حياة اجتماعية نشطة وتشارك فاعل مع شخص أو أشخاص كثر، فإن تلك موهبة ذاتية، ومهارات يمكن تنميتها.، وقبول ذاتي من الآخرين يصعب التحكم فيه أحياناً. لذلك حين لا تجد قبولاً وإصغاء من أحدهم، فارحل، فلست بحاجة لمن يشعرك بأنك متطفل على وقته، وأن حديثك لا يعنيه، وأن جلوسه معك ليس ذا قيمة.