هذه معادلة حقيقية موجودة بل وموثقة كأساس لأفضل الممارسات، وستجدونها في أي مجتمع هدفه صناعة التغيير والتطور للأفضل وتحقيق سعادة ورضا المواطن. وأساس ذلك كله صناعة «موظف سعيد» أولاً.

دول أنشأت وزارات معنية بـ«السعادة»، وقطاعات عديدة حول العالم اهتمت بتحقيق «سعادة الموظف» لتهيئ له الأجواء لتحقيق إنتاجية أفضل، فأنشأت إداراتٍ وأقساماً وحتى لجاناً معنية بالسعادة.

في بحريننا الغالية نجد أمثلة مميزة في «صناعة السعادة» لدى الموظف في بيئة عمله، بناء على عملية «استثمار نفسي داخلي» مخرجاته وانعكاساته الإيجابية تبرز من خلال خدمة المجتمع والمواطن.

سأتطرق لمثال حي أنا قريب منه، والسبب يعود لاعتماد هذا القطاع الذي يقوم بعمل حيوي وهام ضمن منظومة العمل الحكومي، يعود لاعتماده المعادلة أعلاه، الهادفة صناعة سعادة المواطن من خلال تحقيق سعادة الموظف.

معهد الإدارة العامة «بيبا»، الذراع التدريبي لحكومة مملكة البحرين، وبيت الخبرة المختص بتقديم كافة الدورات التدريبية في المجال الإداري لكافة مستويات العمل الوظيفي، إضافة لتقديمه الاستشارات والبحوث وخدمات الإرشاد والتقييم الإداري. معهد الإدارة بين لجانه الداخلية لجنة هامة جداً، تأسست منذ سنوات عديدة، وتديرها بشكل تطوعي عناصر المعهد وتتغير فيها الوجوه والطاقات. هذه اللجنة اسمها «لجنة السعادة».

أدرك وجود عدة لجان مشابهة في قطاعات أخرى، لكن ما يستدعي تسليط الضوء على «لجنة السعادة» في «بيبا»، هي «الفلسفة» القائمة خلفها، خاصة وأنها وجدت في «بيت خبرة» متخصص ومعني بـ«التطوير والتدريب الإداري»، أي أنها وجدت كنموذج ريادي إداري يستحق الدراسة.

رؤية اللجنة موجودة على الموقع الإلكتروني لمعهد الإدارة، وهي: «سعادة مُعدية لبيئة عمل أفضل»، وأيضاً رسالتها الساعية إلى: «خلق السعادة لدى موظفي معهد الإدارة العامة لزيادة الإنتاجية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمعهد».

ويشرح المعهد فلسفته من إنشاء هذه اللجنة، وأنها جاءت لرفع الأداء المؤسسي، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز القيم المؤسسية، وتعزيز أواصر الألفة بين الموظفين وتحويلهم لعائلة واحدة، وتوفير بيئة مثالية سعيدة محفزة للتميز، وتركز على الارتقاء بمستويات السعادة للموظفين من خلال تحقيق الرضا الوظيفي ووضع مؤشرات لقياس أثر السعادة عليهم وعلى أدائهم بما يضمن وجود نتائج علمية تساعد على رسم خطط مستقبلية بعيدة المدى ضمن هدف تحقيق سعادة حكومية مستدامة.

الفعاليات متعددة، داخلية بين أفراد المؤسسة، وخارجية بتقاطعها مع الفعاليات المجتمعية، أو فعاليات تكاملية مع جهات حكومية أخرى تنهج نفس النهج. والجميل فيها حين تتعمق في التفاصيل، ستجد أنها مبنية على أنماط علمية متقدمة في مجالات التدريب الإداري والتهيئة النفسية التي يطبقها المعهد في برامجه التدريبية، خاصة تلك المتعلقة بالجانب العملي الابتكاري وتمارين فرق العمل وكسر الروتين.

لماذا «لجنة للسعادة»؟ ولماذا هي «مهمة» في وقتنا الحالي؟!

الإجابة ستجدونها في رسم هيكلي تحت مسمى «النموذج العلمي للسعادة» في موقع «بيبا»، فيه تُشرح هذه المعادلة الإدارية الذكية بطريقة مبسطة؛ إذ حينما نبني «بيئة العمل» على قيم «العطاء، المشاركة والريادة»، ونوفر أعلى درجات الكمال للموظف في العوامل الخارجية «الجانب الاجتماعي، الجانب الإبداعي» والعوامل الداخلية «الجانب النفسي، الجانب الصحي»، حينما نوفرها له كبيئة عمل، فإنه سيحقق بالتأكيد «إنتاجية عالية» و«سيبتكر» وسيصل لـ«رضا المواطن» كعائد ملموس للاستثمار.

خلاصة القول: تريدون خدمة الوطن، تريدون إسعاد المواطن وتحقيق رضاه؟! حولوا مواقع عملكم لبيئات عمل سعيدة يكون الموظف فيها مرتاحاً نفسياً وآمناً وظيفياً، حينها سينتج وسيعمل بكل راحة ودافعية و«سعادة» لخدمة وطنه وأهله.