غالباً ما ترتبط الدعوة إلى مراجعة تاريخنا العربي بالمضمون السياسي المغيب والمهمش منه فقط. ونادراً ما ترتبط هذه الدعوة بالمنهجية أو النظرة إلى مفهوم التاريخ نفسه. خاصة في ضوء انتشار المقولات غير الدقيقة التي تحولت إلى مسلمات، تتعلق بتقسيم التاريخ والأحكام النهائية بشأن نهوض دولة الإسلام المركزية وسقوطها، ولذلك ترسخت العديد من المقولات والأفكار غير الصحيحة والمضللة. والتي أفضت إلى شطب مراحل من هذا التاريخ وتغييب شبه كامل للتاريخ الاجتماعي العربي.
ويرجع هذا الخلل في الغالب إلى البحث عن استمرارية التاريخ أو انقطاعه في عوامل هامشية وثانوية والتركيز على تسلسل السنوات وسير الحكام والفاتحين وعدم الاهتمام بالمجتمع العربي كظاهرة حية ومتطورة. وبداهة فإن مثل هذا المنهج يؤدي إلى ضياع ملامح المجتمع العربي ككيان حضاري تاريخي متصل، ولا يساعد على التعرف على الشخصية العربية بكل تنويعاتها وخصوصياتها المحلية والإقليمية، كحقيقة اجتماعية - ثقافية - تاريخية متطورة. مما أفضى إلى العجز عن اكتشاف القوانين التي تحكم التطور التاريخي للعرب وتحديد ما هو ثابت فيه وما هو متغير. ولذلك، ومهما اشتمل هذا النوع من التأريخ على تفاصيل عن حياة العامة أو بعض قادتهم، فإن أقصى ما يمكن أن يقدمه لنا هو مجرد حكايات وأقاصيص وحتى خرافات، تبدو لنا الأحدث فيها خارقة غير خاضعة لمنطق التاريخ والطبيعة.
إن موضوع التاريخ في الحقيقة هو الإنسان، ككائن حي يتطور ويرتقي ويتراجع ويبني وينكسر بالمعنى الاجتماعي - الاقتصادي - الثقافي. أي من زاوية الكيفية التي ينتج بها الإنسان احتياجات حياته المادية والعلاقات الاجتماعية التي تنشأ من خلال الحياة اليومية، والتعبير الثقافي وما يتوصل إليه من معرفة ومن نظرة إلى العالم، ومن تعبيرات ثقافية وفنية وأدبية عن المجتمع في نهوضه وتراجعه، في تطوره وانكفائه.
ولذلك نعتقد أنه لا يصبح التاريخ علماً إلا عندما يتصدى للاجتماع الإنساني والاقتصادي وفقاً للمنطق الخلدوني، شاملاً الإدارة الحكومية والقوانين والتشريعات والعمران، والفنون، والعادات، والتقاليد. وهكذا يصبح المجتمع وتطوره، وآلية هذا التطور والقوانين التي تحكمه هو موضوع التاريخ.
وبذلك لا يصبح التاريخ مجرد رصد وسرد لوقائع وأحداث وسير الأشخاص، حتى ولو كانت هذه الوقائع والأحداث تتعلق بالمجتمع نفسه، وإنما تصبح مهمة التاريخ هي تفسير هذه الوقائع والأحداث والبحث عن محركاتها وعواملها الفعلية وتحولاتها المؤثرة.
وحتى حينما نرصد ونسجل تحولات وتطورات المجتمع، فإن ذلك وحده لا يكفي لكي نسمي ما نكتبه تاريخاً بأتم معنى الكلمة، بل يتعيّن علينا أيضاً تحليل المكونات المختلفة لهذا المجتمع وطبقاته وسبل تواصله وتآلفه وصراعاته، والتغيرات التي طرأت عليه خلال عملية التحوّل، والعناصر المختلفة التي أسهمت في ذلك. أي اكتشاف القوانين العامة والخاصة التي تحكم حركة التاريخ في النهاية.
{{ article.visit_count }}
ويرجع هذا الخلل في الغالب إلى البحث عن استمرارية التاريخ أو انقطاعه في عوامل هامشية وثانوية والتركيز على تسلسل السنوات وسير الحكام والفاتحين وعدم الاهتمام بالمجتمع العربي كظاهرة حية ومتطورة. وبداهة فإن مثل هذا المنهج يؤدي إلى ضياع ملامح المجتمع العربي ككيان حضاري تاريخي متصل، ولا يساعد على التعرف على الشخصية العربية بكل تنويعاتها وخصوصياتها المحلية والإقليمية، كحقيقة اجتماعية - ثقافية - تاريخية متطورة. مما أفضى إلى العجز عن اكتشاف القوانين التي تحكم التطور التاريخي للعرب وتحديد ما هو ثابت فيه وما هو متغير. ولذلك، ومهما اشتمل هذا النوع من التأريخ على تفاصيل عن حياة العامة أو بعض قادتهم، فإن أقصى ما يمكن أن يقدمه لنا هو مجرد حكايات وأقاصيص وحتى خرافات، تبدو لنا الأحدث فيها خارقة غير خاضعة لمنطق التاريخ والطبيعة.
إن موضوع التاريخ في الحقيقة هو الإنسان، ككائن حي يتطور ويرتقي ويتراجع ويبني وينكسر بالمعنى الاجتماعي - الاقتصادي - الثقافي. أي من زاوية الكيفية التي ينتج بها الإنسان احتياجات حياته المادية والعلاقات الاجتماعية التي تنشأ من خلال الحياة اليومية، والتعبير الثقافي وما يتوصل إليه من معرفة ومن نظرة إلى العالم، ومن تعبيرات ثقافية وفنية وأدبية عن المجتمع في نهوضه وتراجعه، في تطوره وانكفائه.
ولذلك نعتقد أنه لا يصبح التاريخ علماً إلا عندما يتصدى للاجتماع الإنساني والاقتصادي وفقاً للمنطق الخلدوني، شاملاً الإدارة الحكومية والقوانين والتشريعات والعمران، والفنون، والعادات، والتقاليد. وهكذا يصبح المجتمع وتطوره، وآلية هذا التطور والقوانين التي تحكمه هو موضوع التاريخ.
وبذلك لا يصبح التاريخ مجرد رصد وسرد لوقائع وأحداث وسير الأشخاص، حتى ولو كانت هذه الوقائع والأحداث تتعلق بالمجتمع نفسه، وإنما تصبح مهمة التاريخ هي تفسير هذه الوقائع والأحداث والبحث عن محركاتها وعواملها الفعلية وتحولاتها المؤثرة.
وحتى حينما نرصد ونسجل تحولات وتطورات المجتمع، فإن ذلك وحده لا يكفي لكي نسمي ما نكتبه تاريخاً بأتم معنى الكلمة، بل يتعيّن علينا أيضاً تحليل المكونات المختلفة لهذا المجتمع وطبقاته وسبل تواصله وتآلفه وصراعاته، والتغيرات التي طرأت عليه خلال عملية التحوّل، والعناصر المختلفة التي أسهمت في ذلك. أي اكتشاف القوانين العامة والخاصة التي تحكم حركة التاريخ في النهاية.