مع تغير الخطط وتحوّل متطلبات سوق العمل من مؤسسات وشركات إقليمية وعالمية وخاصة بعد الجائحة التي غيرت العديد من المسارات والتوجهات العلمية والعملية، بات لزاماً على الجامعات أياً كانت حكومية أم خاصة أن تعيد دراسة كلياتها وطاقتها الاستيعابية لبعض التخصصات حسب حاجة العالم في السنوات المقبلة.

الغريب في الأمر أن الدول وتوجهاتها تشير إلى أهمية علوم معينة ودراسات بعينها، وعندما يبدأ الطلبة في مواكبة ذلك التوجه ويشرعون في التخطيط له عبر اختيار التخصصات المناسبة والبحث عنها يصطدمون بأن الكليات المتاحة لا تستوعب الخريجين والطلب المتزايد عليها، ومن هنا تبدأ المعضلة وتتحول الدراسة الجامعية إلى هم يؤرق الطلبة الخريجين وأولياء أمورهم، فهم يعلمون أن هذا التخصص أو ذاك من التخصصات المطلوبة خلال الفترة الحالية والمقبلة، والسياسة العامة للدولة تحث على دراسة هذه التخصصات عبر التصريحات الرسمية للمسؤولين والمتخصصين، ولكن الواقع يختلف تماماً، وكل ذلك يعود إلى غياب التنسيق أو التخطيط المسبق أو لأمور أخرى لا نعلمها.

الحل بسيط جداً وسهل التنفيذ، وهو أن تكون هناك حلقة وصل أو لجنة ما بين الجهة المعنية بالدولة وما بين تلك الجامعات عبر مؤسسة التعليم العالي، وبالتالي تقوم الجامعات على إثره بزيادة المقاعد في الكليات والتخصصات التي يتطلبها سوق العمل وتقليص المقاعد في الكليات الأخرى التي تشهد تشبعاً وزيادة في أعداد حاملي تلك التخصصات، خاصة إذا ما علمنا أن هناك كماً كبيراً من الطلبة ممن يحصلون على تخصصات مخالفة تماماً لرغباتهم وحتى متطلبات سوق العمل والفرص الوظيفية المتاحة بعد التخرج.

الأمور بحاجة إلى تنسيق وعملية توازنية وتوافقية ما بين سوق العمل والوظائف المطلوبة وما بين توجه الدولة وجامعاتها، حتى لا نحصل على خريجين عاطلين أو خريجين حاملي تخصصات هم أنفسهم مجبرون عليها ولم تكن في يوم من الأيام ضمن خططهم ولا يمكن أن يستفيدوا مستقبلاً منها.

بعض الجوانب والحلول نجدها سهلة في الطرح، وهي كذلك وحتى الحلول أيضاً هي الأخرى سهلة، ولكن الاستغراب من التطبيق والبطء فيه، فتأخير الحلول ينتج عنه أجيال درسوا تخصصات مرغمين عليها وحاملي شهادات لتخصصات غير مطلوبة بعد التخرج.