أذكر منظره جيداً وهو يغادرنا، نصف الموظفين تعذروا بأعذار واهية حتى لا يحضروا له. فيما حضر البعض مجاملاً متحاملاً إما حاشية المنافقين الذين كانوا دائمي التطبيل له وبدأت وجهات اهتماماتهم تتغير وتتحول نحو المسؤول الجديد فلم يعودوا يجتهدون في تلميع الكلام والمديح له، أحدهم اتجه إلى مكتب يتجمع فيه الموظفون ليدعوهم للحضور إكراماً له من باب أن يحضر جميع الموظفين فقال أحدهم: والله ما أحضر له ولا أحلله حتى، كفايه اللي سواه فيني طول هالسنين» فيما بعضهم قال: «أنا دينار ما أحط له حق هدية أقوم أحضر له!».
خرج ذليلاً وكان واضحاً أنه «منحرج» نوعاً ما وهو يغادر؛ لأن الموظفين لم يجمعوا مبلغاً من المال ويقدموا له هدية خاصة أو يبادروا بشيء خاص لأجله، كما اعتاد أن يراهم يفعلون دائماً مع مديريهم وزملائهم، بل حتى حفل تكريمه كان ضمن فقرات ختام برنامج تدريبي قيلت فيه كلمة بسيطة وقدمت له شهادة ودرع وهدية بسيطة وكان بعضهم على وجهه انطباع وكأنه يقول «وأخيراً افتكينا!».
تلك الصورة الذهنية التي رأيتها في بدايات مسيرتي المهنية من سنين طويلة لم تفارقني يومها، وكنت أستحضرها لتذكر مبدأ مهم، هو أن أهم بصمة تتركها في مسيرتك المهنية هي سيرتك الطيبة؛ فأنت مهما طال بقاؤك على الكرسي فلن تستفيد بعدها ولن يبقى لك شيء سوى رصيد أفعالك مع الناس أمام الله ومدى التزامك بالأمانة والمسؤولية العامة من عدمها، قبل سنين مضت أيضاً قرر أحد المديرين التقاعد وتأثر جميع موظفيه إلى درجة بكاء بعض الموظفات وتأثر الموظفين على انتهاء مسيرته المهنية معهم وكانوا يحاولون قبلها حثه على تأخير تقاعده أكثر، وحتى بعد رحيله لم يكن يذكر في المكان إلا بكل خير وحب ولا يزال الكثيرون منهم يتواصلون معه؛ فهناك فرق بين مسؤول تدعو له بالخير ومسؤول «تدعو عليه» وبين مدير تحترمه وتستمر علاقتك الإنسانية معه حتى بعد انتهاء مسيرته المهنية معك وبين مدير كل ما تذكرته تقول «الله لا يوفقه» وتدعو وتتحسب عليه وإن دخل قبره! هناك مدير ملهم عظيم يترك بروح موظفيه بصمة ويزرع بداخلهم قيماً ومبادئ ودروساً تخدمهم طيلة مسيرتهم المهنية، وهناك مدير مثل الطاقة السامة بالمؤسسة يملأ المكان بالفوضى والصراعات والمشاكل والحروب النفسية. مع احتفاء العالم بذكرى يوم المدير العالمي الذي يصادف 16 أكتوبر من كل عام نجدها فرصة ثمينة لتحية المديرين الذين يتحلون بالنزاهة والضمير الحي في توفير البيئة الصحية لموظفيهم ويصنعون منهم قياديي صف ثانٍ ويحبون لهم الخير كما يحبونه لأبنائهم وأهلهم مع التشديد على أهمية أن تكون هناك قنوات مفتوحة وتشريعات أكثر تحمي الموظفين من التصرفات الشخصية لبعض المديرين «المرضى» الذين يستغلون كراسيهم ومناصبهم في إيذاء وتحطيم الشباب ويظلون هكذا سنين طويلة بلا رقابة إلى حين يرأف الله بحالهم ويقدر أن يقطفهم من كراسيهم سواء بتسخير ظروف أو أقدار أو اإلهام أحد المسؤولين لإزاحته من موقعه كما نتمنى أن تبادر بعض الجهات المعنية بتنظيم فعاليات توعوية وتثقيفية وبرامج مهنية تزامناً مع هذا اليوم لتعزيز ثقافة المدير المميز الذي يحقق مبادئ السعادة الوظيفية ويترك بصمات قيادية وإرثاً مهنياً مؤثراً يقتدى به لموظفيه.
خرج ذليلاً وكان واضحاً أنه «منحرج» نوعاً ما وهو يغادر؛ لأن الموظفين لم يجمعوا مبلغاً من المال ويقدموا له هدية خاصة أو يبادروا بشيء خاص لأجله، كما اعتاد أن يراهم يفعلون دائماً مع مديريهم وزملائهم، بل حتى حفل تكريمه كان ضمن فقرات ختام برنامج تدريبي قيلت فيه كلمة بسيطة وقدمت له شهادة ودرع وهدية بسيطة وكان بعضهم على وجهه انطباع وكأنه يقول «وأخيراً افتكينا!».
تلك الصورة الذهنية التي رأيتها في بدايات مسيرتي المهنية من سنين طويلة لم تفارقني يومها، وكنت أستحضرها لتذكر مبدأ مهم، هو أن أهم بصمة تتركها في مسيرتك المهنية هي سيرتك الطيبة؛ فأنت مهما طال بقاؤك على الكرسي فلن تستفيد بعدها ولن يبقى لك شيء سوى رصيد أفعالك مع الناس أمام الله ومدى التزامك بالأمانة والمسؤولية العامة من عدمها، قبل سنين مضت أيضاً قرر أحد المديرين التقاعد وتأثر جميع موظفيه إلى درجة بكاء بعض الموظفات وتأثر الموظفين على انتهاء مسيرته المهنية معهم وكانوا يحاولون قبلها حثه على تأخير تقاعده أكثر، وحتى بعد رحيله لم يكن يذكر في المكان إلا بكل خير وحب ولا يزال الكثيرون منهم يتواصلون معه؛ فهناك فرق بين مسؤول تدعو له بالخير ومسؤول «تدعو عليه» وبين مدير تحترمه وتستمر علاقتك الإنسانية معه حتى بعد انتهاء مسيرته المهنية معك وبين مدير كل ما تذكرته تقول «الله لا يوفقه» وتدعو وتتحسب عليه وإن دخل قبره! هناك مدير ملهم عظيم يترك بروح موظفيه بصمة ويزرع بداخلهم قيماً ومبادئ ودروساً تخدمهم طيلة مسيرتهم المهنية، وهناك مدير مثل الطاقة السامة بالمؤسسة يملأ المكان بالفوضى والصراعات والمشاكل والحروب النفسية. مع احتفاء العالم بذكرى يوم المدير العالمي الذي يصادف 16 أكتوبر من كل عام نجدها فرصة ثمينة لتحية المديرين الذين يتحلون بالنزاهة والضمير الحي في توفير البيئة الصحية لموظفيهم ويصنعون منهم قياديي صف ثانٍ ويحبون لهم الخير كما يحبونه لأبنائهم وأهلهم مع التشديد على أهمية أن تكون هناك قنوات مفتوحة وتشريعات أكثر تحمي الموظفين من التصرفات الشخصية لبعض المديرين «المرضى» الذين يستغلون كراسيهم ومناصبهم في إيذاء وتحطيم الشباب ويظلون هكذا سنين طويلة بلا رقابة إلى حين يرأف الله بحالهم ويقدر أن يقطفهم من كراسيهم سواء بتسخير ظروف أو أقدار أو اإلهام أحد المسؤولين لإزاحته من موقعه كما نتمنى أن تبادر بعض الجهات المعنية بتنظيم فعاليات توعوية وتثقيفية وبرامج مهنية تزامناً مع هذا اليوم لتعزيز ثقافة المدير المميز الذي يحقق مبادئ السعادة الوظيفية ويترك بصمات قيادية وإرثاً مهنياً مؤثراً يقتدى به لموظفيه.