لا يخفى على الضرير قبل البصير أهمية وضرورة تناول الجميع مسألة تعتبر في غاية الأهمية، ألا وهي مسألة الحياة المعيشية للمواطنين.,خصوصاً في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية المحلية والعالمية، وفي ظل ارتفاع أسعار السلع من طرف التجار، على الرغم من انخفاض سعر الشحن الدولي إلى أقل من 50% خلال الأشهر الماضية، إلا أن التجار مصممون على الاستمرار في رفع الأسعار، غير آبهين بصوت الشارع البحريني المتضرر من هذا الأمر، مع غياب شبه تام للجهات الرقابية الرسمية فيما يخص مراقبة الأسعار غير المبرر.

اليوم، يجب على الجهات الرسمية عدم الصمت بخصوص هذا الملف المعيشي، وأن تتخذ الخطوات الاستباقية فيما يتعلق بوقف قطار الأسعار الجنونية، وأن يكون هناك في المقابل حركة صريحة بتحسين رواتب الموظفين في العام والخاص، من أجل أن يدرك المواطن سباق الغلاء، ليتلاءم المدخول مع المصروف، دون ضغط أو تأثير سلبي على حياته المعيشية.

في التقرير الذي تبنته صحيفة الوطن مشكورة قبل أيام بخصوص أهمية إخراج ملف إنشاء «مكافحة الفساد» على السطح، والذي ظل حبيس أدراج النواب منذ ما يزيد عن 15 عاماً. حيث تم تأجيل مناقشته من دور انعقاد إلى دور انعقاد آخر، مع وجود نواب يعارضون إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، حتى دون طرح مبررات كافية أو مقنعة.

إنها حلقات متتالية ومتكاملة فيما يخص تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، تبدأ بمكافحة الفساد، ومراقبة الأسعار والتجار، وكذلك زيادة رواتب الموظفين، ومواصلة صرف المعونات والدعم بأشكاله المختلفة، وزيادة رواتب المتقاعدين، وإعادة زياداتهم السنوية المقررة وهي 3% دون انقطاع.

إن لهيب الغلاء، وتوقف سقف الرواتب عند حدودها الثابتة، ووقف صرف علاوة الأوقات الإضافية، كلها سوف تؤدي إلى تدهور الوضع المعيشي للناس، وهو ما لا ترغب الدولة قبل غيرها في حدوثه، لأن استقرار المعيشة هو استقرار حيوات الناس.

إن مهمة النواب القادمة لن تكون سهلة، ولن تكون معبدة بالورود، بل هي مرحلة صعبة وعصيبة يجب عليهم معالجتها بشكل قانوني، ليكون الوضع المعيشي للمواطنين هو هاجس النواب كلهم، وأن يكون تحسين وضعهم هو من أبرز أولوياتهم، والذي يجب أن يأتي على شكل قانون وتشريعات ثابتة لا مؤقتة، حتى يحدث التوازن الاقتصادي بين المداخيل والمصاريف، والتغيرات الاقتصادية الحاصلة والمتوقَّعة.