الخوف غريزة في الإنسان، وهو الشعور الناجم عن الخطر أو التهديد ويؤدي إلى الهروب أو الاختباء من الأحداث المؤلمة التي يتصورها الإنسان.

لكن أسمى أنواع الخوف هو مخافة الله سبحانه وتعالى؛ لأن فيه الفوز بالجنة والنجاة من النار، ولذلك فإن التعبير القرآني كان دقيقا عندما قال سبحانه: «ففروا إلى الله» ولم يقل ففروا من الله، فالفرار والهروب يكون من الشيء، فنحن نفر من الأسد ومن المعركة مثلا، لكن أن تفر إلى الله فهو الفرار الذي ينقذك من الوقوع في المعاصي والآثام. ومن صفات الرجل المؤمن أنه يخاف الله الذي خلق النفس البشرية على طبيعة الخوف، يقول سبحانه: «إن الإنسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا» ولولا هذا الخوف في الطبيعة البشرية لما تاب إنسان، ولما خضع إنسان، فالمؤمن يخاف الله وحده، بينما غير المؤمن يخاف الطغاة والجبابرة، وفي مجال العمل يخاف المدير والرئيس ويخاف المرض والمجهول وقس على ذلك أشياء كثيرة.

ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى وجه المسلمين والمؤمنين بقوله: «فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين».

وهذا الخوف من الله وحده يحتاج إلى إيمان كبير وجهد متواصل، فالمرء بين أن يخاف جهة واحدة، أو ألف جهة، ومن جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله الهموم كلها. يقول الحق سبحانه جل في علاه: «فلا تخشوا الناس واخشون»، وعندما يأتي نهي في القرآن الكريم فمعنى ذلك أن الخوف من الناس أمر واقع، فالناس يخاف بعضهم بعضاً، لكن الخشية الحقيقية والكاملة تكون من الله العلي الكبير. «والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون * أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون».

ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أشد الناس خشية لله، يقول عليه الصلاة والسلام: «أنا أتقاكم لله تعالى وأشدكم خشية»، وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي يعد أحد المبشرين بالجنة، جاء إلى سيدنا حذيفة وقد أودع النبي عليه الصلاة والسلام عنده أسماء المنافقين، فقال له: «يا حذيفة بربك اسمي معهم؟ فقال: «لا يا أمير المؤمنين»، فكلما زاد علمك زادت خشيتك من الله.