عادةً ما يُطرح هذا التساؤل: من هو المتسبّب بالتغيّر المناخي؟ ويضاف إليه: لماذا ينبغي لنا أن نتحمّل أخطاء الدول المتسبّبة بهذا التلوث الذي يضرب كوكبنا؟ ورغم أن هذا التساؤل مشروع، إلا أنه لا فائدة عملية من مناقشته في هذا الوقت، حيث إن الأَولى الآن أن نهبَّ جميعاً لمعالجة هذه المعضلة بدلاً من معاتبة بعضنا البعض. فحين يكون هناك حريق في منزلك، فأنت تخمد النيران أولاً، قبل أن تسأل من المتسبّب بها. وإذا ما أردنا أن نكون منصفين مع الدول المتقدمة، والتي كانت المسبّب لزيادة الانبعاثات الضارة في بداية ثورتها الصناعية؛ فلاشك بأننا جميعاً استفدنا من منتجاتها التي غيّرت طرق المعيشة لدينا بشكل استثنائي. ولذا فإن الواقع يفرض بأننا كلنا شركاء في هذه المشكلة بنسب مختلفة، وأنه لا يوجد طرف غير مشمول في هذه المسؤولية الكبرى.
وإلى هذا تشير العالمة الأمريكية، وأول امرأة حائزة على جائزة نوبل في الاقتصاد، إلينور أوستروم في مقابلة لها عن التغيّر المناخي حيث تقول: "إن جزءاً من إحباطي من المفاوضات الدولية هو أننا انخرطنا في معارك على مستوى كبير للغاية حول من تسبّب في التغيير المناخي في المقام الأول، ومن المسؤول عن تصحيحه. ولم ننتهج حتى الآن مساراً تصحيحياً شاملاً". وما يميّز طرح ألينور في معالجة المشكلة البيئية في أنها مبنيّة على نظريتها الاقتصادية التي تنادي بتوظيف الموارد الطبيعية من خلال المجتمع نفسه. وبناءً على هذا، فإنها تنادي الأفراد والمجتمعات إلى اتخاذ خطوات عملية بدلاً من انتظار نتائج المفاوضات الدولية. حيث إنها تثق بشكل كبير بقدرة المجتمعات على استيعاب المشكلة البيئية، وبالتالي إيجاد الضوابط والآليات اللازمة التي من شأنها أن تحافظ على حياة صديقة للبيئة.
ورغم أن هذا الطرح يتعامل مع مشكلة المناخ من منظور مختلف، وهو منظور يعالج المشكلة بشكل شمولي، ولا ينتظر الحكومات أن تقوم بهذا الدور، إلا أنه أبداً لا ينفي أهمية دعم المعاهدات الدولية. حيث إن أوستروم نفسها تؤكد على أن المساعي البيئية ينبغي أن تتفاعل على عدة مستويات عن طريق ما تسميه نظاماً متعدد الإدارة. والذي يتم فيه تنظيم الوحدات الصغيرة وربطها ببعضها البعض على أساس قواعد يتفاهم عليها الأفراد أولاً وصولاً إلى المجتمعات والدول، وتكون النتيجة أخيراً في صالح الجميع. فمثلاً: حينما يختار فرد أن يمشي لمسافات طويلة بدلاً من قيادة السيارة، فإنه يمارس الرياضة المفيدة له، وفي الوقت نفسه يقلل من الانبعاثات الضارة الناتجة من السيارة. وبهذا يحقق الفرد فوائد لصحته، ويحقق أيضاً فوائد صغيرة للعالم.
إن طرح أوستروم يعيد الثقة في قدرة الأفراد على خلق تغير جذري، حيث إنها دحضت الفكر السائد القائل إن الموارد الطبيعية التي يتم استخدامها بشكل جماعي سيتم استغلالها بشكل مفرط وتدميرها على المدى الطويل، وذلك عن طريق إجراء دراسات ميدانية حول كيفية إدارة الناس في المجتمعات المحلية الصغيرة للموارد الطبيعية المشتركة. فلقد أظهرت العديد من الأمثلة الإيجابية حول العالم، والتي تمكنت فيها المجتمعات من الحفاظ على مواردها الطبيعية، كما هو الحال مثلاً في النيبال حيث مازال المزارعون منذ قرون طويلة يتقاسمون موارد المياه الشحيحة بينهم. لهذا فإننا نستطيع كأفراد أو مجتمعات أن نحافظ على مواردنا الطبيعية المشتركة كالهواء والمياه، وأن نساهم بشكل كبير في إيقاف التغير المناخي. ومن هنا قد يكون من المجدي الآن أن نصحح السؤال المطروح هنا حول من وراء التغيّر المناخي؟ إلى ماذا فعلت أنت لأجل إيقاف هذا التغير؟
* مدير برنامج الطاقة والبيئة - مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات"
[email protected]
وإلى هذا تشير العالمة الأمريكية، وأول امرأة حائزة على جائزة نوبل في الاقتصاد، إلينور أوستروم في مقابلة لها عن التغيّر المناخي حيث تقول: "إن جزءاً من إحباطي من المفاوضات الدولية هو أننا انخرطنا في معارك على مستوى كبير للغاية حول من تسبّب في التغيير المناخي في المقام الأول، ومن المسؤول عن تصحيحه. ولم ننتهج حتى الآن مساراً تصحيحياً شاملاً". وما يميّز طرح ألينور في معالجة المشكلة البيئية في أنها مبنيّة على نظريتها الاقتصادية التي تنادي بتوظيف الموارد الطبيعية من خلال المجتمع نفسه. وبناءً على هذا، فإنها تنادي الأفراد والمجتمعات إلى اتخاذ خطوات عملية بدلاً من انتظار نتائج المفاوضات الدولية. حيث إنها تثق بشكل كبير بقدرة المجتمعات على استيعاب المشكلة البيئية، وبالتالي إيجاد الضوابط والآليات اللازمة التي من شأنها أن تحافظ على حياة صديقة للبيئة.
ورغم أن هذا الطرح يتعامل مع مشكلة المناخ من منظور مختلف، وهو منظور يعالج المشكلة بشكل شمولي، ولا ينتظر الحكومات أن تقوم بهذا الدور، إلا أنه أبداً لا ينفي أهمية دعم المعاهدات الدولية. حيث إن أوستروم نفسها تؤكد على أن المساعي البيئية ينبغي أن تتفاعل على عدة مستويات عن طريق ما تسميه نظاماً متعدد الإدارة. والذي يتم فيه تنظيم الوحدات الصغيرة وربطها ببعضها البعض على أساس قواعد يتفاهم عليها الأفراد أولاً وصولاً إلى المجتمعات والدول، وتكون النتيجة أخيراً في صالح الجميع. فمثلاً: حينما يختار فرد أن يمشي لمسافات طويلة بدلاً من قيادة السيارة، فإنه يمارس الرياضة المفيدة له، وفي الوقت نفسه يقلل من الانبعاثات الضارة الناتجة من السيارة. وبهذا يحقق الفرد فوائد لصحته، ويحقق أيضاً فوائد صغيرة للعالم.
إن طرح أوستروم يعيد الثقة في قدرة الأفراد على خلق تغير جذري، حيث إنها دحضت الفكر السائد القائل إن الموارد الطبيعية التي يتم استخدامها بشكل جماعي سيتم استغلالها بشكل مفرط وتدميرها على المدى الطويل، وذلك عن طريق إجراء دراسات ميدانية حول كيفية إدارة الناس في المجتمعات المحلية الصغيرة للموارد الطبيعية المشتركة. فلقد أظهرت العديد من الأمثلة الإيجابية حول العالم، والتي تمكنت فيها المجتمعات من الحفاظ على مواردها الطبيعية، كما هو الحال مثلاً في النيبال حيث مازال المزارعون منذ قرون طويلة يتقاسمون موارد المياه الشحيحة بينهم. لهذا فإننا نستطيع كأفراد أو مجتمعات أن نحافظ على مواردنا الطبيعية المشتركة كالهواء والمياه، وأن نساهم بشكل كبير في إيقاف التغير المناخي. ومن هنا قد يكون من المجدي الآن أن نصحح السؤال المطروح هنا حول من وراء التغيّر المناخي؟ إلى ماذا فعلت أنت لأجل إيقاف هذا التغير؟
* مدير برنامج الطاقة والبيئة - مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات"
[email protected]