مررت بأحد الأخبار المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي والذي يتطرق إلى حديث الرئيس الروسي السيد فلاديمير بوتين خلال منتدى سانت بطرسبرغ، والذي شرح فيه ملامح روسيا اليوم وكيفية تعاملها مع التحديات الطبيعية والأخرى «المتعمدة»، ونجاحه في تجاوز جزء من هذه الصعاب.
ولاحظت في بعض العبارات واقعية يحسد عليها، فهو القائد الذي يواصل الحرب منذ سنوات، والذي يقول في معرض حديثه إن روسيا أثبتت مستوى عالياً من الاستعداد للتحولات التكنولوجية في القطاع المالي وخدمات النقل، ويقر في نفس الخطاب بأن القطاع العسكري يحتاج إلى التحديث التكنولوجي، وقد كان يستطيع إدماج هذا القطاع في سياق التفاؤل، إلا أنه آثر الواقع، والوعد بتنفيذ ما يحتاجه هذا القطاع.
وهذه الواقعية من السيد بوتين وخاصة في قطاع يعتبر حديث الساعة في زمن الحرب، تعني أنه يكاشف شعبه بالحقائق، ويوجه رسائل إلى خصومه، ولا يسرد إشادات هي في الحقيقة إشاعات.
وفي جانب آخر من الحديث، وجه بوتين كلامه غير المباشر للغرب بتحدٍ واضح قائلاً: ستظل روسيا أحد المشاركين الرئيسيين في التجارة العالمية، على الرغم من كل العقبات والعقوبات غير المشروعة؛ حيث تمثل الدول الصديقة لروسيا ثلاثة أرباع حجم تجارتها، ولذلك يتجاوز معدل نمو الاقتصاد الروسي المعدل العالمي.
ويواصل السيد بوتين الواثق من حجم دولته مؤكداً أن روسيا قادرة على إنتاج المزيد من السلع الاستهلاكية، وهذا يتطلب إطلاق مشاريع جديدة في جميع المناطق، واقترح إنشاء نظام استثمار عالمي في كل منطقة من مساحات روسيا الشاسعة والمتنوعة.
والأمر الذي استوقفني في نهاية الخبر هو ما كشفه الرئيس الروسي عن انخفاض معدل البطالة إلى 2.6% في أبريل الماضي، وقال: السؤال الرئيسي الآن ليس «أين يمكن العثور على وظيفة»، ولكن «أين يمكن العثور على موظفين».
وعند هذه الفقرة وذاك التساؤل الأخير، تذكرت حفلات التخرج التي تمتلئ بها وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والصفحات الشخصية، وعن حجم القوى العاملة التي ستدخل سوق الوظائف هذا العام، واسترجعت بذاكرتي أبناءنا الباحثين عن عمل ليل نهار، في بلد شعبه عظيم وقدراته ومقدراته عظيمة.
فحينما تنظر يميناً ويساراً ستجد طبقة عاملة أجنبية تملأ شوارع البلد، وتجعلنا ندور في دوامة مفرغة من أجل البحث عن مفاتيح مواقع العمل التي تطلب موظفين يومياً ونتساءل: هل سيأتي علينا يوم نطرح فيه مثل سؤال السيد بوتين؟ أين يمكن العثور على موظفين؟
* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية