في الفصل التاسع من كتابه "Setting the Table"؛ يروي داني ماير تجربة خاضها في العشرينيّات من عمره، عندما افتتح أوّل مطعم له في مدينة نيويورك الأمريكيّة. يقول إنّه، في بداية مشروعه، شعر بالإحباط لأنّه لم يتمكّن من إيصال رسالته بوضوح إلى الموظّفين؛ تتعلّق بمعايير التميّز الّتي يريدها في مطعمه، ورغم محاولاته الدائمة معهم، إلّا أنّ المشاكل نفسها تتكرّر، وكاد هذا الأمر يدفعه للجنون؛ كما يقول.
وفي أحد الأيّام، وعندما كان يجلس مع صديقه بات سيتا، صاحب المطعم الشهير في نيويورك "سباركس ستيك هاوس"، عرض عليه مشكلته مع العاملين في مطعمه؛ فطلب سيتا من ماير أن يزيل كلّ شيء من على الطاولة المجاورة لهم باستثناء شاكر الملح، وأن يضعها في منتصف الطاولة. عندما فعل ماير ذلك، طلب سيتا منه التأكّد من أنّ هذا هو المكان الّذي يريده. بعد أن أكّد ذلك، حرك سيتا الشاكر ثلاث بوصات بعيداً عن المركز، وطلب من ماير إعادتها. وبعد أن أعادها، حرّكها مرّة أخرى، ولكنّ هذه المرّة ستّ بوصات، وطلب من ماير أيضاً إعادتها مجدّداً.
بعد أن فعل ماير ذلك، شرح سيتا المغزى من هذا التمرين؛ قائلاً "موظّفوك سيقومون دائماً بتحريك شاكر الملح بعيداً عن المركز، هذا هو قانون الإنتروبيا. مهمّتك ليست أن تنزعج أو تتذمّر؛ بل أن تعيدها إلى المركز في كلّ مرّة، وتوضّح لهم ما تريده بالضبط. أمّا إذا كنت مستعدًّا للسماح لهم بتحديد مكان المركز؛ فعليك أن تمنحهم مفاتيح المتجر، وتتخلّى عن مطعمك..".
وحسب رواية ماير، الّذي أصبح اليوم يمتلك 18 مطعماً ناجحاً في نيويورك، بأنّ فهمه للنظريّة هذه؛ ساعدته على تطوير وتعلّم أسلوب إداريّ سمّاه (الضغط اللطيف المستمرّ)، حيث يذكر ذلك بالتفصيل في كتابه "بأنّها الطريقة الّتي نعيد بها شاكر الملح إلى المركز في كلّ مرّة تحرّكها الحياة أو الظروف". ولا شكّ في أنّ هذا النهج الإداريّ يتطلّب المحافظة على جميع هذه العناصر الثلاثة، فمثلاً، إن كنت دائماً لطيفاً، ولكنّك فشلت في ممارسة الضغط عند الحاجة؛ فلن ينمو عملك أو يتحسّن؛ بل سيفتقر فريقك إلى الدافع والشغف للتميّز، كذلك إذا مارست ضغطاً لطيفاً، ولكن ليس باستمرار؛ فسيحصل الموظّفون على رسالة مختلطة اعتماداً على اليوم، وربّما لن يصدّقوا أنّ التميّز يهمّك حقاً، كما أنّه إذا مارست ضغطاً مستمراً غير لطيف؛ فقد ينهك الموظّفين، وبالتالي ينخفض أداؤهم.
هذه النظريّة بمثابة بوصلة مجازيّة ومفهوم بسيط وعميق يوضّح مبادئ الإدارة الفعّالة، كما أنّها قابلة للتطبيق في مجموعة متنوّعة من قطاعات الأعمال والمؤسّسات. يجب أن تكون مهمّة كلّ قائد أو مدير هو تدريب فريقه على كيفيّة التمييز بين المركز وخارج المركز، ووضع الأمور في نصابها الصحيح، ومن ثمّ التأكيد على معايير المؤسّسة وثقافة التميّز الّتي يجب الحفاظ عليها. ثانياً، يجب أن تتمّ العمليّة علناً، ممّا يشير إلى التعبير المفتوح وإثبات قيم المؤسّسة وتعزيز النزاهة المتمثّلة في (الحوكمة). أخيراً، التأكيد على أهمّيّة "الضغط اللطيف المستمرّ"، ممّا يعني ضمنياً إعادة ضبط البوصلة بشكل متّسق ولطيف، ولكنّه مستمرّ، وهي الطريقة الّتي نُظهر بها (قيّمنا) لمن نعمل معهم ومن أجلهم على مدار الوقت.
خلاصة القول، بأنّ الإدارة لا تتعلّق بفرض القواعد بصرامة؛ بل بتوجيه وإلهام فريق العمل بوضوح لا يتزعزع ودعم ثابت ومستمر. التميّز الحقيقيّ يتحقّق من خلال التوازن الدقيق بين اللّطف والحزم والصّبر والمثابرة. فمن خلال الممارسات الإداريّة السليمة نخلق بيئات تزدهر فيها فرق العمل، ويتمّ فيها الالتزام بالمعايير، ويصبح التميّز هو رحلة مشتركة للجميع.
وفي أحد الأيّام، وعندما كان يجلس مع صديقه بات سيتا، صاحب المطعم الشهير في نيويورك "سباركس ستيك هاوس"، عرض عليه مشكلته مع العاملين في مطعمه؛ فطلب سيتا من ماير أن يزيل كلّ شيء من على الطاولة المجاورة لهم باستثناء شاكر الملح، وأن يضعها في منتصف الطاولة. عندما فعل ماير ذلك، طلب سيتا منه التأكّد من أنّ هذا هو المكان الّذي يريده. بعد أن أكّد ذلك، حرك سيتا الشاكر ثلاث بوصات بعيداً عن المركز، وطلب من ماير إعادتها. وبعد أن أعادها، حرّكها مرّة أخرى، ولكنّ هذه المرّة ستّ بوصات، وطلب من ماير أيضاً إعادتها مجدّداً.
بعد أن فعل ماير ذلك، شرح سيتا المغزى من هذا التمرين؛ قائلاً "موظّفوك سيقومون دائماً بتحريك شاكر الملح بعيداً عن المركز، هذا هو قانون الإنتروبيا. مهمّتك ليست أن تنزعج أو تتذمّر؛ بل أن تعيدها إلى المركز في كلّ مرّة، وتوضّح لهم ما تريده بالضبط. أمّا إذا كنت مستعدًّا للسماح لهم بتحديد مكان المركز؛ فعليك أن تمنحهم مفاتيح المتجر، وتتخلّى عن مطعمك..".
وحسب رواية ماير، الّذي أصبح اليوم يمتلك 18 مطعماً ناجحاً في نيويورك، بأنّ فهمه للنظريّة هذه؛ ساعدته على تطوير وتعلّم أسلوب إداريّ سمّاه (الضغط اللطيف المستمرّ)، حيث يذكر ذلك بالتفصيل في كتابه "بأنّها الطريقة الّتي نعيد بها شاكر الملح إلى المركز في كلّ مرّة تحرّكها الحياة أو الظروف". ولا شكّ في أنّ هذا النهج الإداريّ يتطلّب المحافظة على جميع هذه العناصر الثلاثة، فمثلاً، إن كنت دائماً لطيفاً، ولكنّك فشلت في ممارسة الضغط عند الحاجة؛ فلن ينمو عملك أو يتحسّن؛ بل سيفتقر فريقك إلى الدافع والشغف للتميّز، كذلك إذا مارست ضغطاً لطيفاً، ولكن ليس باستمرار؛ فسيحصل الموظّفون على رسالة مختلطة اعتماداً على اليوم، وربّما لن يصدّقوا أنّ التميّز يهمّك حقاً، كما أنّه إذا مارست ضغطاً مستمراً غير لطيف؛ فقد ينهك الموظّفين، وبالتالي ينخفض أداؤهم.
هذه النظريّة بمثابة بوصلة مجازيّة ومفهوم بسيط وعميق يوضّح مبادئ الإدارة الفعّالة، كما أنّها قابلة للتطبيق في مجموعة متنوّعة من قطاعات الأعمال والمؤسّسات. يجب أن تكون مهمّة كلّ قائد أو مدير هو تدريب فريقه على كيفيّة التمييز بين المركز وخارج المركز، ووضع الأمور في نصابها الصحيح، ومن ثمّ التأكيد على معايير المؤسّسة وثقافة التميّز الّتي يجب الحفاظ عليها. ثانياً، يجب أن تتمّ العمليّة علناً، ممّا يشير إلى التعبير المفتوح وإثبات قيم المؤسّسة وتعزيز النزاهة المتمثّلة في (الحوكمة). أخيراً، التأكيد على أهمّيّة "الضغط اللطيف المستمرّ"، ممّا يعني ضمنياً إعادة ضبط البوصلة بشكل متّسق ولطيف، ولكنّه مستمرّ، وهي الطريقة الّتي نُظهر بها (قيّمنا) لمن نعمل معهم ومن أجلهم على مدار الوقت.
خلاصة القول، بأنّ الإدارة لا تتعلّق بفرض القواعد بصرامة؛ بل بتوجيه وإلهام فريق العمل بوضوح لا يتزعزع ودعم ثابت ومستمر. التميّز الحقيقيّ يتحقّق من خلال التوازن الدقيق بين اللّطف والحزم والصّبر والمثابرة. فمن خلال الممارسات الإداريّة السليمة نخلق بيئات تزدهر فيها فرق العمل، ويتمّ فيها الالتزام بالمعايير، ويصبح التميّز هو رحلة مشتركة للجميع.