بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة المحلية وتنذر بكثير من غير الاعتيادي وغير المألوف والغريب على مجتمع البحرين المسالم، صار السؤال الذي يشاغب كل الرؤوس هو، إلى أين تمضي الأمور؟ بمعنى هل من نقطة في نهاية السطر قريبة؟ أما الجواب فمن الطبيعي أن يختلف فيه المجيبون، المتشائم منهم لا يرى نهاية قريبة ولا بعيدة لهذا الذي يحدث، والمتفائل يظل متفائلا ومتمسكا بأمل أن تتغير المعطيات لتتغير النتائج أو يحدث ما هو غير متوقع فتعود كل المياه إلى مجاريها وكأن شيئا لم يحدث! والأكيد هو أنه بسبب التطورات الأخيرة فإن نسبة المتشائمين صارت هي الغالبة، وهو ما لا ينبغي أن يصير.

«ما ضاقت إلا فرجت»، هكذا يقول العرب في أمثلتهم، ودونما شك فإنه لابد من يسر بعد العسر كما جاء في سورة الشرح، والأكيد أنه لا توجد مشكلة ليس لها حل ولا توجد مشكلة تعمر أكثر من عمرها، لذا فإن الصحيح هو الاعتقاد بأن الأمور مهما تعقدت فإنها ستصل في النهاية إلى حيث تنتهي المشكلة. للتوضيح فإن المشكلة في البحرين ليست من المشكلات الصعبة وإن ازدادت تعقيداً كلما أوغلت في الزمن، المشكلة هنا هي عدم محاولة الاستفادة من المساحة المشتركة والظروف المعينة على حل المشكلة والإصرار على الموقف وإن كان خاطئاً، وهو ما يعد غريباً على مجتمع البحرين ولا تفسير له سوى دخول جهات أخرى ومحاولتها فرض تصوراتها لحل المشكلة، وهو ما لا يمكن أن يستقيم، فمشكلة البحرين داخلية وحلها بيد أبنائها، حكومة وشعباً، ودخول أطراف أخرى فيها يزيدها تعقيدا ويؤخر حلها.

الخطوة الأولى إذن لحل المشكلة هي عدم السماح لأي طرف خارجي بالتدخل، فعندما يكون الخارج على اختلافه محايداً فإن الحل سيكون يسيراً لأن أهل البحرين لن يجدوا صعوبة بعد ذلك في التوصل إلى تفاهمات تنصف الجميع وتعين على تجاوز المرحلة وظروفها. هذا يعني أن استمرار توفر الظروف التي تسمح للخارج بالتدخل في المشكلة نتيجته المنطقية استمرار المشكلة وازدياد تعقدها . «الاستعانة بصديق» هي السبب الأساس في تعقد المشكلة واستمرارها والشعور بصعوبة حلها، والتوقف عن «الاستعانة بصديق» هو بداية الطريق المفضي إلى النهاية المرجوة. السؤال هنا هو، هل يمكن للخارج التوقف عن اعتبار نفسه طرفاً في المشكلة؟

واقع الحال يؤكد أن كل من وجد فرصة للتدخل أو وجد نفسه متدخلاً لسبب أو لآخر لن يقبل بأن يصير خارج «اللعبة»، والسبب هو أنه صارت له أهداف ووصل إلى حد أن اعتبر نفسه «صاحب حق»، لذا فإنه من المستبعد، بل من المستبعد جداً ابتعاد كل من اعتبر نفسه طرفاً في المشكلة عنها، ولأن كل هذه الأطراف الدخيلة على المشكلة لها أجندتها لذا فإن الطبيعي والأكيد هو أن أياً منها لن يقبل بأن يبتعد أو حتى يقف في منطقة الحياد، وسيسعى جاهداً ليكون له النصيب الأكبر من المكاسب.

المؤلم أن الشرخ الذي حدث قبل ست سنوات من الآن صار عميقاً، وصار يحتاج إلى كثير من الزمن كي يضيق ويختفي، وهذا هو ما يشغل أهل البحرين أكثر من كل شيء، أي أن القصة ليست في وضع حد للمشكلة والاتفاق على أمور تشعر كل طرف بأنه حقق مكاسب أو أن خسارته أقل أو متساوية مع خسارة الأطراف الأخرى ولكنها في التالي لكل هذا، حيث العودة إلى ما كان فيه مجتمع البحرين مسألة يصعب – على الأقل الآن – استيعابها، وهذا ما يسهم في زيادة نسبة المتشائمين والاعتقاد بصعوبة حل المشكلة.