الندوة التي نظمها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة الإثنين الماضي تحت عنوان «الفرص والتحديات للاقتصاد الخليجي» كانت أكثر من رائعة، فعلاوة على أهمية الموضوع وحيويته أبلى المنتديان فيها «رجل الأعمال البحريني حازم جناحي ومدير برنامج الدراسات الدولية والجيوسياسية الدكتور عمر العبيدلي» بلاء حسنا وأضاءا الكثير من الجوانب التي ربما كانت غامضة، كما ساهم مدير الندوة مدير برنامج الدراسات الاستراتيجية الدكتور أشرف كشك والحاضرون وهم نخبة من المفكرين والمحللين بمداخلاتهم المتميزة في إثراء الندوة التي أريد لها أن تخرج عن الإطار التقليدي فجاءت مشاركات المنتدين وكأنهم في مقابلة تلفزيونية يحضرها جمهور.

فكرة الندوة أنه خلال العام الحالي يبدأ تنفيذ رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وهو مشروع واعد يمكن أن يقدم العديد من الفرص لمجمل دول مجلس التعاون الخليجي، كون السعودية صاحبة أكبر اقتصاد خليجي وتضم النسبة الأكبر من تعداد مواطني دول التعاون، وأنه يمكن لبقية دول الخليج أن تطور اقتصاداتها عبر إجراء إصلاحات موازية للمشروع السعودي والاستفادة من الفرص الاقتصادية الجديدة التي سيأتي بها المشروع.

في افتتاح الندوة، شرح رئيس مجلس أمناء المركز خالد الفضالة الهدف منها ووفر كمية من المعلومات التي أعانت على الانطلاق فيها بسلاسة، منها أن النخب الخليجية الحاكمة وضعت نصب أعينها أن المواطن الخليجي هو هدف التنمية وغايتها وأنه في ظل التحديات الراهنة التي يشهدها العالم صار لابد من العمل على التصدي لها من منظور استراتيجي عميق بعيد المدى، وأن لدى السعودية ما يؤهلها لإنجاح هذه الرؤية، وهو ما أكده أيضاً رجل الأعمال حازم جناحي الذي اهتم ببيان أن السعودية تملك فرصاً استثمارية كبيرة في مجالات عديدة أهمها «مجال الصناعات العسكرية حيث تعد المملكة ثالث أكبر مشتر للأسلحة على مستوى العالم وأنه بالإمكان تحويل جزء من تمويل تلك الصفقات إلى مصانع لمختلف الأسلحة إلى جانب تحويل بعض الشركات الحكومية الكبرى إلى شركات مساهمة».

في حديثه الذي عكس ما اكتسبه من خبرة في السوق شدد جناحي على أن «الرؤية السعودية ستكون فرصة مواتية لرجال الأعمال الخليجيين من خلال الاستثمار في المشاريع الكبرى التي تخطط المملكة لإقامتها، إلى جانب خلق أسواق جديدة ونقل السوق الحالية الى مراحل متقدمة»، وأن «تحويل جزء من شركة «أرامكو» إلى الاكتتاب الخاص سيساهم في خلق صناعات تحويلية كبيرة، أو تحويل جزء من عوائد هذا البيع إلى استثمارات بديلة، خصوصا في مجالات الطاقة والتكنولوجيات الحديثة»، وهو ما أكده أيضا الدكتور العبيدلي الذي تحدث بلغة أكاديمية عن «قدرة الرؤية السعودية في تقديم فرص كبيرة لرجال الأعمال الخليجيين»، لافتا إلى أنه «يمكن البدء بقطاع السياحة الدينية باعتبارها إحدى الميزات التي تنفرد بها المملكة العربية السعودية» قائلا إنه «لا منافس لها في مكة المكرمة والمدينة المنورة والتي تستقبل في العام ملايين المعتمرين والحجاج» لافتاً إلى أن «السعودية تعمل حالياً على تنفيذ خطة ترمي إلى رفع عدد المعتمرين من 6 إلى 30 مليون معتمر سنوياً». كما أكد العبيدلي على «أهمية تنشيط القطاعات الأخرى من خلال مساهمة المرأة في سوق العمل».

الندوة التي لم ينقصها سوى وجود خبير سعودي من المشاركين في وضع الرؤية السعودية كي يجيب على الأسئلة المهمة التي طرحت خلالها ويشرح ما غمض منها تناولت قدرة الرؤية على خلق فرص عمل للشباب السعودي والخليجي، والفرص الاستثمارية التي تثير اهتمام التجار الخليجيين، والتحديات أمام القطاعات الخاصة الخليجية، ودور الرؤية في تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الدول غير الخليجية، والدور الذي يمكن أن تشارك به مراكز الأبحاث الخليجية في تحقيق أهداف الرؤية، وغيرها من محاور مهمة.