قبل أيام من مغادرته البيت الأبيض أصدر الرئيس الأمريكي جود بايدن عفواً رئاسياً عن ابنه هانتر بايدن الذي كان يواجه تهماً في قضية احتيال ضريبي تضم 9 تهم موجهة إليه قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 17 عاماً، والذي أدين كذلك في قضية شراء أسلحة وحيازة أسلحة نارية بشكل غير قانوني.

هذا العفو الرئاسي الصادر من أكبر ديمقراطيات العالم "كما يدّعون" ذكرني بالعفو الملكي السامي الذي صدر من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، في عدة نسخ وبلغ عدد من تم الإفراج عنهم فيها قرابة 1500 مدان في قضايا جنائية متنوعة، ولذلك عندما قرأت الخبر الأمريكي ابتسمت وتخيلت الفوارق الشاسعة بين "مدّعو الديمقراطية والعدالة" وبين من يحققها واقعاً يلمسه الناس.

وها نحن اليوم نرى انكشاف أمريكا والغرب بصورة لم يكن أحد يتخيلها قبل سنوات، حيث عشنا مسرحيات هزلية امتدت فصولها لعقود من الزمن، بأن هؤلاء هم قوم العدالة والإنصاف، بينما هم مجموعة من الممثلين المحترفين، الذين ظهروا بوجههم الطبيعي عند أول منعطف خارج المسرح الهزلي.

ولو كان هناك ما يسمى "عفو" بمعناه الحقيقي، فليأتي فريق الممثلين ليروه في البحرين، فنحن قوم نفعل ولا ندعي الفعل، ونعدل كما أمرنا ديننا الحنيف، ومليكنا المعظم حفظه الله ورعاه يعفو عن أبنائه جميعاً وليس أبناء أو صهراً أو صديقاً كما يفعلون.

لقد ضجت المواقع الإخبارية الأيام الماضية بالتندر على ما فعله السيد بايدن قبل رحيله من على رأس السلطة، بينما احتفت نفس المواقع بما فعله مليكنا بالعفو الملكي السامي الذي وصفوه بالأكبر في تاريخه، وهنا ندرك حجم البحرين في نظر المجتمع الدولي، بحكمة مليكها وحبه لشعبه، ونكتشف حقيقة العم سام الذي يخفي تحت قبعته استغلالاً للسلطة فيخلعها قبل نهاية العرض المسرحي وإغلاق الستار.

الحمد لله الذي أنعم علينا بأننا ولدنا في هذه الجزيرة الطيبة، وعشنا تحت حكم رشيد وصادق لا يتغير بتغير الأحداث ولا يظلم أحد على حساب آخر، وحتى الذين أخطؤوا في حق أنفسهم ومجتمعهم، يعلمون تماماً أن أباهم سيعفو عنهم ويسامحهم، لأنهم في المحصلة الأخيرة أبناؤه، وكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.

اليوم نرى العفو والإحسان الذي ذُكر في القرآن الكريم في قوله تعالى "والعافين عن الناس والله يحب المحسنين"، يتجلى بين كل حين وآخر ويأتي في المناسبات ويترقبه المخطئون، فلو كان هناك ما يسمى "عفو رئاسي أو ملكي" فهو الذي لمسناه في وطننا الحبيب من ملكينا الغالي، أما ذلك "العفو الانتهازي" فلا يمكن أن يطلق عليه عفو، وإنما كما قال المثل "يا رايح كثر من الفضايح".

* قبطان - رئيس تحرير جريدة "ديلي تربيون" الإنجليزية