في سبتمبر الماضي، وتحديداً حينما خطف سائق فريق الماكلارين الذي تملكه البحرين، البريطاني لاندو نوريس لقب سباق هولندا للفورمولا واحد، كتبت بأن النسق التصاعدي لتألق الفريق ومزاحمته لفريقي ريد بول والفيراري يبعث بمؤشرات إيجابية على قدرته في خطف لقب بطولة الصانعين، خاصة بعد تصدّره للترتيب للمرة الأولى منذ عشر سنوات مضت، إضافة للفرصة القوية للمنافسة على لقب السائقين.

في سباق الجائزة الكبرى الأخير على أرض الإمارات الشقيقة، وبحضور "عراب" رياضة السيارات في الشرق الأوسط، وصانع "حلم حلبة البحرين الدولية" و"الظافر" باحتضان منطقتنا الخليجية لأول سباق للفورمولا واحد قبل عشرين عاماً والمستمر كجولة عالمية متميزة للآن ولسنوات قادمة، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر، نجح فريق الماكلارين بالفعل في الفوز بلقب بطولة الصانعين للمرة الأولى وبعد غياب 26 عاماً.

مملكة البحرين عبر علاقتها الاستثمارية مع هذا الفريق العريق، والتي بدأت منذ العام 2007 بالاستحواذ على 30% من ملكيته آنذاك، والوصول اليوم للملكية الكاملة، نجحت في إعادة الفريق إلى الواجهة عبر التألق في العديد من سباقات الموسم، والوصول لـ"بوديوم" التتويج مراراً، عبر أداء قوي وتنافسي، ولولا بعض تقلبات السباقات والمنافسات الشرسة مع الفرق التي بسطت سطوتها في السنوات الأخيرة مثل الريد بول والفيراري، لانتزع فريق الماكلارين بطولة السائقين أيضاً، إذ الفارق النقطي بين بطل العالم والمحافظ على لقبه الهولندي ماكس فيرشتابين، وسائق الماكلارين المقاتل لاندو نوريس ليس بالكبير.

ما وصل له الفريق من قوة، يعود بفضله إلى مملكة البحرين عبر التخطيط والبناء والدعم المستمر، ويحسب للاهتمام الكبير من قبل الأمير سلمان بن حمد، وينبئ بأن القادم أفضل في الموسم القادم، خاصة مع توقيع اتفاقية الشراكة بين "ممتلكات البحرين" وشركة "سايفن الإمارات" لتحقيق الاستفادة الكاملة لماكلارين في مجال الهندسة والتصميم والتكنولوجيا المتقدمة، ولتعزيز موقعها في مجال الأعمال وصناعة السيارات، والاستفادة من ذلك أيضاً في تعزيز موقعها المميّز في البطولة العالمية الأولى للسيارات.

هنا يعلم المتابعون والمتبحرون في عالم الفورمولا واحد، بأن بطولة العالم للصانعين تأتي في مرتبة مفضلة على بطولة السائقين، سواء من ناحية الجائزة المالية التي تعتبر من أكبر الجوائر المعنية بالرياضات حول العالم، أو من ناحية تتويج وتكريم الجهد الجماعي لمنظومة الفريق التي تختص بعمليات تطوير وإعداد ومتابعة وتجهيز معقدة ومتشعبة.

مملكة البحرين سجلت اسمها بشكل تاريخي هنا، عبر إعادتها هذه الشركة العريقة للواجهة في عالم الرياضة، وبعد ربع قرن تحديداً، وتعمل الآن على تعزيز موقعها وقوتها في مجال صناعة السيارات وتطويرها وتعزيز الزخم والاهتمام بالعلامة العريقة.

التهنئة واجبة للمقام السامي لجلالة الملك المعظم حفظه الله على هذا الإنجاز الرياضي المقترن باسم مملكة البحرين، وكذلك لأساس هذا النجاح المتمثل بمن بدأ الحقبة الذهبية لرياضة السيارات في الشرق الأوسط وجعلها ثقافة راسخة انطلقت من البحرين وتعزّزت أيضاً لدى شقيقاتها دول الخليج العربي ونجاحهم في استضافة الجولات المميزة، الأمير "بوعيسى" حفظه الله.

ما تحقق يدفعنا لتذكر الحلم القديم المتجدد، يوم دُشّنت عروس الصحراء "حلبة البحرين الدولية" وشهدت وجود نجوم بحرينيين في عالم التسابق عبر فئات مختلفة، يومها كنا نطمح لوصول سائق بحريني للعالمية عبر التنافس في سباق الفورمولا واحد. ولعل ما نعيشه اليوم وامتلاك البحرين لهذا الفريق العريق، قد يقود للتفكير "أو ربما الخطط موجودة فعلاً" لإنشاء أكاديمية لماكلارين معنية باحتضان المواهب البحرينية في رياضة السيارات، وتعمل بالتالي على صناعة سائق بحريني يصل يوماً لمنافسة لأبطال هذه الرياضة ويتغلب عليهم.