تساؤلات أثيرت بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تراجعه عن خطة تهجير أهالي غزة، وقد يعتبر البعض هذا الموقف الأمريكي الجديد غير مستغرب، عطفاً على الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
الرئيس الأمريكي في بداية الأمر، ألقى بحجر التهجير في مياه المنطقة، وراقب ما الذي سيسفر عنه، ووجد أن هذا الحجر لم يعكر فقط صفو المياه التي لم تكن راكدة أصلاً، بل أثار موجات كبيرة ضده، فردود فعل الدول العربية كانت واضحة، ورافضة تماماً لفكرة تهجير أهالي غزة، كما أشار بيان القمة العربية الطارئة إلى ذلك بكل وضوح، لذلك كان لابد من الولايات المتحدة مع كل هذا الرفض العربي الكبير أن «تفعل شيئاً ما» لإصلاح ذلك الخطأ الجسيم بشأن فكرة التهجير.
وأعتقد أن إصلاح الخطأ الأمريكي بدأ في الدوحة، وتحديداً عندما وافقت الولايات المتحدة على التفاوض مع حركة «حماس»، في سابقة اعتبرها البعض تاريخية لواشنطن التي دائماً ما كانت ترفع شعار لا تفاوض مع إرهابيين، ومنها «حماس» المنظمة المصنفة بالإرهابية لدى أمريكا، ولكن التفاوض تم في نهاية المطاف، وبغض النظر عن ما أسفرت عليه، إلاً أن شعار عدم تفاوض واشنطن مع إرهابيين أصبح من الماضي، وأن الرئيس الأمريكي أصبح ينظر لمصلحة بلاده قبل أي شيء، حتى قبل إسرائيل نفسها، الحليف الأهم والأول لأمريكا في العالم.
ولكن حتى هذا الحليف الأهم لم يتم إخباره بشأن «مفاوضات الدوحة»، مما يؤكد أن الولايات المتحدة اعتمدت نهج الاعتماد على النفس -كما أشرنا في مقالنا الأخير- ولا يشترط «حشر» إسرائيل في كل تفاوض أمريكي مع الآخرين، حتى لو كانت حركة «حماس»، العدو المشترك لأمريكا وإسرائيل، ولكن وبسبب الرهائن الأمريكيين عند «حماس» فإن التفاوض مستمر، وإمكانية تمديد فترة وقف إطلاق النار، ودخول المساعدات الإنسانية لغزة وارد أيضاً.
لذلك أعتبر تصريحات ترامب بشأن تراجعه عن فكرة التهجير منطقية، عطفاً على تلك الأحداث السابقة، لأن بلاده لن تستفيد من التصعيد، ولغة الوعيد التي كان ينتهجها، حتى وإن ظن البعض أن تصريحات ترامب مجرد مناورة أو مراوغة منه للحصول على مكاسب جديدة، إلا أنني أعتقد أنه لابأس في ذلك، إن كانت تلك المكاسب تصب لصالح غزة وأهلها أيضاً، أو تدعم جهود إحلال السلام في المنطقة، فهو في النهاية توجه إيجابي لترامب كما وصفه بيان الخارجية المصرية، وحتى إسرائيل قد تعيد حساباتها بعد هذه التصريحات.
ولكن السؤال الأهم، هل سنشهد مزيداً من المواقف الأمريكية المتغيرة بشأن غزة؟