يبدو أن المواجهات والعمليات العسكرية بين إيران وإسرائيل ستتواصل بشكل مكثف خلال الفترة القادمة من دون أي حل في الأفق، فقد كشفت الحكومة الإسرائيلية بأن العمليات على إيران ستستمر إلى أسابيع وتحويل جبهة غزة إلى ثانوية.
في المقابل، فإن إيران وهي تتلقى الضربات تقوم بشن هجمات بالصواريخ البالستية، ومنها الفرط صوتية والتي أثبتت جدواها في ضرب مجموعة من الأهداف الحيوية في تل أبيب، واستهدفت منشآت الطاقة، ومنها ما شهده الهجوم على حيفا، كما أنها قامت باستهداف المنشآت المدنية؛ مما يزرع الخوف والهلع بين الإسرائيليين، ويزيد الضغوطات على حكومة نتنياهو.
المسألة تصل إلى أن هذه الضربات المتبادلة لها تبعات خطيرة على منطقة الشرق الأوسط، لذلك فإن تل أبيب تسعى من خلال هجومها على إيران بأن تفكك البرنامج النووي، وهذا يتطلب استعدادات وأدوات لا تملكها إسرائيل، فأمريكا وعبر دونالد ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو قد أبدوا تحفظهم في مسألة المشاركة في الضربات على المنشآت النووية، ولكن لا يستبعدون ذلك في حال أغلق باب المفاوضات والذي لا زالت الإدارة الأمريكية تجعل ذلك متاحاً لطهران.
ومن أهم هذه التبعات وهي في حال قيام إسرائيل بضرب المنشآت النووية سواء إن كان للاستخدام المدني أو للتخصيب العالي، فإن ذلك سيدعو للقلق في منطقة الخليج العربي، حيث إن التلوث الإشعاعي سيكون هو سيد الموقف حينها، فكان الهجوم على منشأة نظنز النووية سارعت الأجهزة المعنية بقياس نسبة الإشعاعات بدول مجلس التعاون والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأفادوا بعدم وجود أي تسربات إشعاعية.
كما أن زيادة وتيرة التصعيد في المواجهات قد تسفر عن تدخل أطراف أخرى، حيث أعلنت باكستان تضامنها مع طهران، وقامت بنشر المقاتلات وأنظمة الدفاع الجوي قرب منشآتها النووية، وعلى الحدود مع إيران كإجراء احترازي، رغم عدم وجود تهديد فوري، وبنفس السياق كان للصين موقف داعم لطهران لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية والوقوف مع إيران في الدفاع عن حقوقها المشروعة، أما روسيا والذي عرضت مبادرة الوساطة بين الطرف الإيراني والإسرائيلي في محادثة هاتفية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، غير أن موسكو كان موقفها من الضربات الإسرائيلية بأنها غير مبررة وغير مشروعة.
في المقابل، كان لدول الخليج العربي موقف مشترك وواضح بأن هذه الضربات على إيران هي انتهاك لسيادتها، وأن الحل للملف النووي في طاولة المفاوضات بعيداً عن التصعيد العسكري.
خلاصة الموضوع، أن المواجهات إسرائيل وإيران قد تكون بداية لحرب إقليمية إذا لم يتم احتواؤها من قبل واشنطن في المقام الأول كونها هي من تملك وقود الحرب الذي تتحرك فيه تل أبيب، فدول المنطقة لا تتحمل أي مستوى تصعيد لا على المستوى العسكري ولا على مستوى تبعات أي أضرار أو كوارث بيئية مثل التلوث الإشعاعي؛ بسبب قرار اتخذه نتنياهو ليبقى في المشهد السياسي الداخلي.