تدور رحى الحروب نتيجة لتراكمات سياسية أو اقتصادية أو عقائدية أو عرقية وغيرها من الأسباب، وهذه عادةً ما تسبب الحروب المفتوحة، مبادئ الحرب واحدة، ولكن الاختلاف في طريقة إدارة الحروب، لذلك سوف نتحدث عن العقيدة العسكرية التي تعنى بالسياسة العسكرية التي ترسم الخطوط العريضة التي تعبر عن وجهات النظر الرسمية للدول، وخصوصاً في الأمور المتعلقة بالصراعات المسلحة، وتشتمل على كل ما يتعلق بطبيعة الحروب والطرق لإدارتها والغاية منها والوسائل التي تقود للانتصار، وهي تعتبر الأسس المتينة لإعداد البلاد وقواتها المسلحة تعبوياً للحرب.

وعليه فإن العقيدة العسكرية هي من أهم القواعد الرئيسية وإحدى الركائز الأساسية للدول، حيث تقوم بإعدادها والعمل على صياغتها القيادة العسكرية الاستراتيجية العليا، ذلك لأننا في زمن تتعدد فيه كيفية التعامل مع الحروب، كما أصبحت الحروب لا تقتصر على القتال والتلاحم بين الجيوش في الميدان، بل تعيش الدولة برمتها في حالة تعبئة عامة، وتسخر كل ما لديها من إمكانيات وما تملك من قدرات لقواتها المسلحة من الناحية السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والصحية والنفسية والقوى البشرية.

كما تتحول مفاهيم العقيدة القتالية العسكرية لأي دولة إلى مناهج وقوانين ومبادئ ونظريات تدرس في السلك العسكري وبالأخص لقادة الجيش الذين يحملون الفكر الاستراتيجي وجميع منتسبيه في الكليات والمعاهد والمدارس العسكرية المختلفة، وكذلك للسلك السياسي المختص بالأزمات التي لها علاقة بالمفاوضات التي تسبق أي عمل عسكري، ويتم التدريب عليها في وقت السلم سواء من خلال التدريب الممنهج أو أثناء المناورات العسكرية لأغراض التدريب ويتم فحصها أثناء الجاهزية القتالية، وذلك استعداداً لتطبيقها لأي طارئ قد يطرأ، ومن ثم يتم اختبارها وفحصها عملياً من خلال مسرح العمليات، وهذا ما خرجت به العلوم العسكرية الحديثة.

حتى إذا ما انتهت الحرب استخلص المختصين الدروس المستفادة منها، وعندها يبدأ العمل على التعديل من إضافة وشطب، وذلك حسب متطلبات الموقف، والأهداف السياسية المتعلقة بالعوامل الاستراتيجية، أن العقيدة القتالية تصنف لمعسكري الشرقي والغربي وكل دولة تتبع إحداهما.

ولنا في رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وهو القائد والمعلم الأول الذي أنشأ أول مدرسة عسكرية في تاريخ الإسلام والمسلمين والعرب في المدينة المنورة من بعد الهجرة، حيث أقامها على أسس من القرآن الكريم والسنة النبوية العطرة التي قامت عليها النظريات العسكرية الإسلامية في شؤون الحرب والقتال، ومنها، بناء الجيوش وإعداد القادة والمقاتلين الأقوياء، ورفع الروح المعنوية، والتدريب على القتال، والانضباط العسكري المأخوذ من القيم والعادات والتقاليد العربية الأصيلة، وكيفية إدارة القتال، والأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب وأهدافها وآدابها، والاستعداد للحرب النفسية، والعمل الأمني لمقاومة من يخترق الصفوف للعمليات التجسسية، وتدريب العيون لجلب الأخبار عن العدو، والعمل على صقل المواهب للحرب، وابتكار ما يعين على الانتصار في الحرب، وخلق تمويل للحرب وإلى آخره. وكانت لتلك المبادئ حصيلة من الإنجازات العسكرية والفتوحات الإسلامية في خضم التاريخ، وإنها لأعظم دليل تحقق وكان التاريخ شاهداً على ذلك من خلال النتائج التي أبهرت الجيوش.

[email protected]