كل ما يحصل على كوكب الكرة الأرضية له تحديثات حتى مقولة العالم أصبح قرية صغيرة وهو مفهوم يقوم على أن جميع من في العالم أصبح متصلاً ببعضه البعض بات اليوم يقترن بنظرية أننا جميعنا لا يمكن لنا أن نعيش ونستمر سوى إن كنا جميعنا نبحر بداخل سفينة السلام، ونتجه ذات الاتجاه في تعزيز مبادئ السلام والقيم الإنسانية والقوانين والأنظمة الدولية وأي دولة في أي مكان في بقعة هذا الكوكب، حتى لو لم تكن بيننا وبينها أي علاقات دبلوماسية أو صلة، فإن ما يحدث فيها بالتأكيد له تأثيراته وانعكاساته علينا، وعلى سفينة السلام فأي ثقب يحدث في أي مكان سيغرقنا جميعنا!

الحرب الإسرائيلية الإيرانية الدائرة حالياً في منطقة الإقليم لها انعكاساتها الكبيرة وتأثيراتها بالتأكيد على جميع دول العالم، وليس فقط على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وإن كان الأمر فيها أكثر تعقيداً وحساسية، فكل ما يحدث له تأثيراته الكبيرة بالتأكيد على أسعار النفط والماء والغذاء والصحة والبيئة وغيرها، ومهما اجتهد المحللون السياسيون في تحليل السيناريو المتوقع لنهاية هذا الصراع، فإنه لا يمكن في عالم السياسة ضمان أي شيء فكل شيء متوقع، وكل سيناريو قد يحصل، وكل ما هو أسوأ من المشهد الحالي وارد وما يحدث اليوم يدخل في مفهوم المخاطر الجيوسياسية، وكلنا في منطقة الإقليم نجابه حرباً وتحديات صعبة وحساسة بطريقة أو أخرى لها انعكاساتها علينا، وهذا الصدام الحاصل بالتأكيد أنه قد يتسبب بثقب سفينة السلام الدولية التي تحملنا كلنا؛ مما يعمل على تغيير العديد من معادلات القوى الإقليمية والدولية وأطراف الصراع، وقد يتسبب بإغراق المنطقة في حرب عالمية ثالثة لا سمح الله وتصادم العديد من القوى وهذا ما لا يتمناه أحد بالتأكيد.

أمام تسارع الأحداث من حولنا وزيادة المخاطر تبرز أهمية التمسك بالثوابت والقيم الوطنية والتحلي بروح المسؤولية الوطنية والقومية لدى الجميع والالتفات نحو الوحدة الوطنية وطاعة ولاة الأمور فما نحتاجه اليوم في مملكة البحرين أمام هذا المنعطف الحساس التكاتف المجتمعي في الداخل البحريني وتحكيم لغة الحكمة والعقل والشراكة المجتمعية مع مختلف الجهات الأمنية والمسؤولة في الدولة وهو واجب وطني قومي، كما أن شراكة المواطن والمقيم في استدامة الأمن وعدم التعاطي مع الشائعات المغرضة ودعوات الفتن والتحريض ضرورة حتمية والمسؤوليات الوطنية اليوم على المواطن والمقيم ليست خياراً، بل واقعاً مفروضاً علينا فمركب الوطن يجب أن لا يثقب بالنزاعات والانقسامات والولاءات المزدوجة، بل يجب تقديم المصلحة الوطنية العامة على المصالح الجمعية والفردية، وأن يستمر المركب الوطني البحريني في مضيه نحو مرافئ السلام وشواطئ الأمن والأمان وهذا الأمر لا يتحقق إلا بضمانتين مشروطتين الأولى أن لا يكون هناك في داخل المركب من يود ثقبه وانتهاز الانعكاسات الإقليمية في ضرب الداخل البحريني أو الخروج عن التوجه العام للدولة والثاني أن يكون المركب حصيناً بتكاتف جميع من فيه واتحادهم منعاً لأي تسرب خارجي إلى داخل سفينتنا البحرينية، حتى نمضي ونتجاوز هذا المنعطف الإقليمي الحساس، وحتى تبقى البحرين بخير دائماً وما تفضل به معالي وزير الداخلية حفظه الله «بأن البحرين ليست طرفاً في الحرب الدائرة فلا تدخلونا فيها، وعلى أي حال، فإننا لن نسمح بذلك» ينبغي أن يكون منهجاً وطنياً لدى الجميع وهي رسالة واضحة لمن يهمه الأمر بأن مملكة البحرين لن تكون ساحة لهذا النزاع الإقليمي أو منبراً لإطلاق الشائعات أو ظهور اتجاهات في الرأي العام تدعم أي طرف من طرفي الصراع الدائر، وينبغي على كل مواطن بحريني أصيل وشريف، وكل مقيم محب لقيادة وشعب مملكة البحرين وأرضها أن يقدم المصلحة الوطنية العامة وانتماءه للهوية والمجتمع البحريني على مذهبه واتجاهاته السياسية ومعتقداته وآرائه الفكرية وأن يكون الجميع صفاً واحداً وكياناً وطنياً واحداً خلف قيادة مملكة البحرين التي لها حنكتها وقدرتها في التعامل مع التحديات السياسية والعسكرية الحاصلة والله خير حافظاً.