منصّة «ميتا» (Meta Platforms) حققت نتائج قوية في الربع الأول من العام، حيث سجلت إيرادات بلغت 42.32 مليار دولار، بزيادة قدرها 16%، مدفوعة بنمو الإعلانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. ويبدو أن هذا الزخم مستمر خلال الربع الثاني، إذ أعلنت «ميتا» مؤخراً عن استثمار بقيمة 14.3 مليار دولار للاستحواذ على حصة بنسبة 49% في شركة «سكيل إيه آي» (Scale AI)، مما يعزز مكانتها الريادية في مجال الذكاء الاصطناعي.

وتسعى «ميتا» أيضاً إلى أن يتولى الرئيس التنفيذي لشركة سكيل، ألكسندر وانغ، قيادة مختبر للذكاء الفائق. دعونا نستعرض أسباب أهمية هذه الصفقة بالنسبة لـ«ميتا».

- سكيل إيه آي تعزز منظومة منتجات ميتا بالذكاء الاصطناعي: تشهد «ميتا» نمواً ملحوظاً في قطاع الذكاء الاصطناعي. ففي الربع الأول، أبلغت الشركة عن زيادة بنسبة 5% في عدد مرات عرض الإعلانات، وارتفاع بنسبة 10% في أسعارها، بفضل تحسين قدرات الاستهداف على منصتي «ريلز» و«القصص» في إنستغرام وفيسبوك، اللتين تخدمان معاً 3.43 مليار مستخدم نشط يومياً.

أما «ميتا إيه آي»، والتي تُعد منافساً لـChatGPT، فهي تقترب من مليار مستخدم شهرياً، وتقوم حالياً بتشغيل تغذيات المحتوى المخصصة، إلى جانب تجارب أولية لنظارات ذكية مدمجة بالذكاء الاصطناعي، مما يبرز الانتشار العالمي الواسع للشركة.

ومن شأن إضافة «سكيل إيه آي»، وهي شركة رائدة في تصنيف البيانات وتُقدّر قيمتها بـ29 مليار دولار، أن تسرّع وتيرة ابتكارات «ميتا» في مجال الذكاء الاصطناعي.

وقد حققت «سكيل» إيرادات بلغت 870 مليون دولار العام الماضي، ومن المتوقع أن تصل إلى 2 مليار دولار هذا العام، مما يعكس دورها الحيوي في تحسين نماذج التعلم الآلي. وعند دمج إيراداتها مع «ميتا»، فإن الصفقة تبدو ذات قيمة مضافة واضحة.

كما أن قدرات «سكيل» يمكن أن تدعم بشكل مباشر البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في «ميتا»، وتعزز تطبيقات مثل «واتساب للأعمال»، الذي يخدم حاليًا أكثر من 100 مليون شركة، ويُتوقع أن يكون أحد المحركات الرئيسية لنمو الإيرادات مع زيادة الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي للتفاعل مع العملاء.

فعلى سبيل المثال، يمكن لروبوتات الدردشة الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي تتنبأ باحتياجات العملاء، أن تساعد الشركات الصغيرة في زيادة مبيعاتها. كما أن بيانات «سكيل» قد تطور من أداء نظارات «راي بان ستوريز» الذكية من «ميتا»، بإضافة ميزات متقدمة مثل الترجمة الفورية أو الإرشاد الملاحي، مما قد يجعلها تنافس منتجات مثل «جيميني» من غوغل.

- توازن استراتيجي وسط رقابة تنظيمية مشددة: يبدو أن قرار «ميتا» بالاستحواذ على حصة غير مسيطرة بنسبة 49% في «سكيل إيه آي» كان خطوة استراتيجية مدروسة، خصوصاً في ظل البيئة التنظيمية التي تزداد تشدداً تجاه شركات التكنولوجيا الكبرى. فعمليات الاستحواذ السابقة التي قامت بها «ميتا» مثل «إنستغرام» و«واتساب» لا تزال تخضع للتدقيق من قبل سلطات مكافحة الاحتكار، ولو كانت قد سعت للاستحواذ الكامل على «سكيل» لربما واجهت اعتراضات مماثلة.

ومن خلال إبقاء «سكيل» تعمل بشكل مستقل، تتجنب «ميتا» المخاطر التنظيمية، مع الحفاظ على الوصول إلى الكفاءات القيادية وعلى رأسهم الرئيس التنفيذي ألكسندر وانغ، بالإضافة إلى البنية التحتية البيانية القيّمة للشركة.