نشرت جريدة الشرق الأوسط موضوعاً عن ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا ولماذا تستخدم فقط 20% من المنازل مكيفات بعكس أمريكا 90% ونحن في الخليج العربي 100%، ويشير المقال إلى أن مكيفات الهواء بصفة عامة في الدول الأوروبية لا تستهلك الطاقة فحسب، بل إنها تدفع الحرارة إلى الخارج أيضاً؛ فقد وجدت دراسة تناولت استخدام مكيفات الهواء في باريس أنها قد تزيد درجة الحرارة الخارجية بما يتراوح بين 2 و4 درجات مئوية، ويزداد هذا التأثير حدةً في المدن الأوروبية ذات الكثافة السكانية العالية عموماً، وفي دول الخليج العربي، بحسب دراسة خليجية منشورة في مجلة المناظر الطبيعية والتخطيط العمراني Landscape and Urban Planning فإن داخل المدن الخليجية تكون حرارتها أكثر من 2 إلى 5 درجات من أطرافها، وإن بداخل الجزر الصناعية تكون أكثر بمقدار 2 إلى 3 درجات مئوية من أطرافها وفي المدن الصحراوية الحارة من 3 إلى 5 درجات مئوية.

لقد فرضت بعض الدول إجراءات للحد من استخدام مكيفات الهواء. في عام 2022، أصدرت إسبانيا قواعد تنص على ألا تقل درجة حرارة مكيفات الهواء في الأماكن العامة عن 27 درجة مئوية لتوفير الطاقة، وهذا التشريع في الدول الأوروبية هو للتقليل أو الحد من ظاهرة المدن الحرارية، أي تلك المدن التي ترتفع فيها درجة الحرارة بسبب وجود كتل مبانٍ إسمنتية ضخمة، وشوارع ذات لون داكن، وقلة الأشجار والخضرة، وقلة النوافير أو المسطحات المائية مثل البحيرات الصناعية، ولون المباني الداكن، وعدم وجود الزراعة العمودية (الزراعة على جدران المباني الرأسية)، وتشجير الأسطح أو صباغتها باللون الأبيض، والكثافة السكانية البشرية وكثافة السيارات في المدينة - خصوصاً ذات اللون الداكن؛ لهذا السبب بات هناك خوف من انتشار الخلايا الشمسية الداكنة بداخل تلك المدن على أسطح المباني؛ لأنها تمتص الإشعاع الشمسي وتحوله إلى أشعة حرارية تساعد على ارتفاع حرارة داخل المدينة.

والخلاصة، إنها فرصة من هذا المنبر أن يتم التذكير على الترشيد في استخدام أجهزة التكييف، وتجنب استخدامها بطريقة متواصلة عند درجة حرارة منخفضة جداً (أقل من 20 درجة مئوية) إلا عند الضرورة، وذلك للتقليل من ظاهرة المدن الحرارية التي تعاني منها دول الخليج العربي عامة، بالأخص في فصل الصيف؛ فالممارسة السليمة لاستخدام المكيفات هو ضبطها على درجة حرارة 23 درجة مئوية دون إطفائها لفترة طويلة بدلاً من جعلها على درجة حرارة 18 درجة مئوية وإطفائها كلما تم ترك الغرفة؛ فهذا يستهلك ويستنزف موارد الطاقة وبالتالي يزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسبب للدفء العالمي.

* أستاذ العمارة والمباني المستديمة المشارك - جامعة البحرين