في عالم أصبح الإيقاع فيه سريعاً وأمام الظروف الإقليمية والعالمية المحيطة بنا بات هناك تغير في واجهات الدولة التنموية والاجتماعية والاقتصادية مما أدى إلى تسارع التطور الاجتماعي والاقتصادي، ولم يعد مفهوم المسؤولية الاجتماعية ترفاً أو خياراً نناقشه من باب التفكير هل نطبقه في مؤسساتنا أو لا بل أصبح ضرورة حتمية وواقعاً لا غنى لنا عنه أمام ما نجابهه من تحديات كبيرة فقد أصبحت المسؤولية الاجتماعية حجر الأساس لبناء مؤسسات تنموية صحية تراعي المعايير الأخلاقية والبيئية والمجتمعية، وتخدم الصحة النفسية وتوازن ما بين تحقيق مصالح التنمية المستدامة ومصلحة المجتمع والمؤسسات والأفراد.
أمام هذه المعادلة الصعبة في زمن كثرت فيه المتغيرات والتحديات نجد أن الجمعية البحرينية للمسؤولية المجتمعية، والتي بزغت بالظهور عام 2011 لتأصيل ثقافة العطاء والوعي المجتمعي وتثبيت الهوية العربية والإسلامية في مشاريع التنمية المستدامة تتولى اليوم حمل هذه الأهداف وتتحرك نحو اتجاه أن تكون مرجعاً هاماً في المسؤولية الاجتماعية على أرض مملكة البحرين والتوعية والتثقيف والإرشاد بشأن هذا المفهوم التنموي الهام جداً الذي أصبحت له ثقافته عالمياً وهذا الحراك له ثماره المحمودة حيث تم إنشاء أول نادٍ للمسؤولية الاجتماعية في دول الخليج العربي في الجامعة الملكية للبنات بمملكة البحرين وهناك تطلع وتحركات من قبل الجمعية إلى إنشاء أكثر من ناد في أكثر من جامعة في دول الخليج.
هناك عدة نقاط هامة أثارها مؤتمر الخليج للمسؤولية الاجتماعية 2025 بنسخته الثالثة حيث أعلن رئيس الجمعية خالد القعود خلال طرحه لتوصيات المؤتمر عدداً من الأهداف والأسس التي يجب أن يتم التحرك باتجاهها منها أن هناك حاجة ملحة لإنشاء دليل واضح يساهم في تعريف المسؤولية الاجتماعية بصورة صحيحة أمام وجود أكثر من مائة تعريف عن هذا المصطلح دون وجود تعريف موحد إلى جانب ضرورة إطلاق يوم عالمي للمسؤولية الاجتماعية، حتى يتم الاحتفاء فيه مع جميع الشركاء في الدول الأخرى وإنشاء محفظة تمويل يتم تمويلها من أرباح القطاع الخاص، وتتم إدارتها مناصفة ما بين القطاع الخاص والحكومي لبناء مشاريع في التنمية المستدامة ولأجل الشراكة في مشاريع حكومية في الدولة التي يتم فيها إنشاء هذه المحفظة، إضافة إلى يكون هناك مقرر دراسي لشهادة معتمدة مثل ماجستير ودكتوراه في المسؤولية الاجتماعية يطرح ويبزغ من جامعات دول الخليج وهنا يتضح أن الجمعية تتجه نحو إيجاد توحيد في جهود المسؤولية الاجتماعية على مستوى دول الخليج العربي وأن تكون مملكة البحرين منبراً لاحتضان هذه الجهود وتطبيق هذه المفاهيم والمعايير العالمية بما يتناسب مع مجتمعاتنا الخليجية.
هناك نقطة مهمة أثارها الباحث والأكاديمي د. أحمد حسين إبراهيم حول مفهوم المواطنة المؤسسية، حيث بين أن نتائج الدراسات التي تم إجراؤها في مملكة البحرين عن المسؤولية الاجتماعية تتوافق بشكل كبير مع الدراسات التي تم عملها عالمياً ومن خلال إحدى الدراسات تم اكتشاف أن البحريني يفضل المؤسسة التي تمارس المسؤولية الاجتماعية عن المؤسسة التي لا تمارسه وكلامه هذا يعكس مستوى الوعي الكبير عند البحرينيين بشأن مفهوم المسؤولية الاجتماعية.
المسؤولية الاجتماعية لها بعد اقتصادي واستثماري وتخدم اقتصاد الدولة حيث تطرق المؤتمر إلى أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية يدخل في مجال الشركات وتحديدا الشركات العائلية وهناك أهمية لإيجاده في قطاع الشركات.
وأشارت ممثلة الكويت في منظمة التخطيط الاستراتيجي د. منال الحساوي إلى أن أغلب الشركات فجأة أصبحت مهتمة بالسلامة النفسية للموظفين من باب استشراف المستقبل وتقنية استشراف المستقبل هي ما تمكننا من بناء أفضل السيناريوهات بعد فهم المتغيرات الحاصلة في مجال معين، وقد بدأت الشركات والأفراد يهتمون في هذا المفهوم من باب إيجاد المساواة وتطبيق حقوق الإنسان، وكيف نضيف للمجتمع مثلما نأخذ منه.