جرت العادة أن نسمع عن مسؤول يغلي غضباً على موظفيه، لكن أحياناً نجد الموظف، كصديقنا «فلان» هو من يترك الجميع في حالة من الدهشة..

بروده المريح لا يعني التسويف، بل قدرة ذكية على إدارة اليوم، دون أن ينقلب المكتب إلى فوضى كاملة..

في كل صباح، يصل فُلان مبتسماً، يحمل كوب قهوته، بينما المدير يركض بين الاجتماعات، ويتلقى البريد الإلكتروني كما لو كانت نيران تتطاير في كل مكان.

الزملاء يرمقونه بنظرات تجمع بين الدهشة والغيرة، بينما الطابعة تصدر أصواتها كأنها تندد بالهدوء الساحق لفُلان.

أما المدير، فيجلس أحياناً على طرف مكتبه، يحاول فهم سر هذا الهدوء الغريب، ويتساءل: هل يعقل أن يكون الإنتاج أكبر عندما يسود الصمت بدل الصراخ؟

نفسه المدير أحياناً يحاول استفزازه قائلاً:

«فُلان! الاجتماع بدأ منذ عشر دقائق!»،

فيرد صديقنا ببساطة:

«صار... وحاضر... وتم».

الأمور تمشي بهدوء غريب...

والأغرب أن هذا الهدوء لم يقلل إنتاجيته، بل زادها، وجعل الفريق يلاحظ أن الهدوء والتركيز ينتجان أكثر من الصراخ والهرج.

والمفارقة؟ أن فُلان هو نفسه ذاك الشخص الذي تراه في الطريق السريع، يسير في الخط اليسار بسرعة ٨٠، مبتسماً وغير مكترث بنظرات العالم،

ثم تراه في السوبرماركت واقفاً في صف الانتظار دون أن يُظهر أي ضجر أو تململ، وكأنه يتأمل في فلسفة الحياة بين عربات التسوق!

في اليوم العالمي للصحة النفسية، والذي يصادف في العاشر من أكتوبر، لنتذكر أن الهدوء فضيلة، لكن عندما يزيد عن حدّه... ينقلب ضدّه!