في حادثة وفاة الطفل حسن المحاري ذي الأربع سنوات ونصف، بعد نسيانه داخل حافلة تقودها سيدة بحرينية كانت تقله إلى الروضة بمنطقة إسكان دمستان، دروس وعبر آخرها يوم أمس عندما أعلن والدا الطفل بالعفو والتنازل عن حقوقهما الخاصة في مقاضاة قائدة المركبة، وترك الحق العام أمام القضاء.

وفاة الطفل حسن المحاري في أكتوبر الماضي، أعادت شريط الذكريات بحوادث مشابهة وقعت خلال السنوات الماضية، بذات السيناريو وإن اختلفت الشخوص المتهمون في تلك الوقائع، ولكن التشابه في تسلسل الأحداث، والأسباب والفئة العمرية للضحايا فهم جميعهم في مرحلة رياض الأطفال.

وفي يوم وقوع الحادث، أعيدت الأحاديث التي قيلت وتقال منذ سنوات، القائد يتحمل المسؤولية، المدرسة أو الروضة تتحمل المسؤولية، وأصبحنا نلقي اللوم ونطالب بحلول، عجزنا ونحن نعيد ونكرر فيها، يجب أن تكون الحافلات معدة ومرخصة لنقل الطلاب، يجب أن تكون مزودة بأجهزة تحسس تفيد بوجود طفل يعيش في عالم الأحلام، وهو يغط ببراءته في نوم عميق، يجب أن يقوم السائق بالتفتيش والتأكد من نزول جميع الطلبة، ويجب أن يكون هناك تواصل دائم بين إدارة المدرسة وذوي الطفل في حال غيابه، ويجب والقائمة تطول، والدرس هنا كما يقول أهلنا في السابق» لي فات الفوت ما ينفع الصوت» وفي أول جلسة مثلت فيها قائدة المركبة المتهمة بالتسبب في إهمالها في وفاة الطفل حسن، وقفت أمام المحكمة، وهي تعترف بخطئها، ونسيانها للطفل صراحة دون لف أو دوران، وسردت أسباب قيادتها لمركبة غير مرخصة لنقل الركاب وظروفها الحياتية والمعيشية التي دفعتها لذلك، وهي على علم أن كل ما ذكرته لا يبرر ولا يعفيها عن المسؤولية لكنها سردته لتوضح جانباً آخر من القضية.

وفي الجلسة الثانية يوم أمس الأول كان الدرس أعمق، عندما وقف الأب المكلوم أمام المحكمة ليعلن عن تنازله، وتنازل الأم عن حقهما في مقاضاة قائدة المركبة، المتسببة في وفاة فلذة كبدهما، وتنازله عن الدية حتى لا يثقل كاهل المتهمة وعلى أهلها، فالمال لن يعيد الحياة لطفله، وترك الحكم لله وحده، والعبرة من هذا الموقف الذي قل ما يحدث بأن العفو عند المقدرة بلسم وعلاج للفقد الذي لا يمحيه مرور الوقت ولا النسيان.

مع العلم بأن الأب أعلن عفوه عن المتهمة والتنازل عن حقه الخاص في مقاضاة قائدة المركبة، لكن لم ينسَ أن يطالب الجهات المعنية بإصدار تشريع أو قرار يلزم المدارس ورياض الأطفال بالتواصل مع أولياء الأمور في حال تغيب الأطفال فدقيقة تواصل تحفظ حياة.

صحيح، العفو عند المقدرة علاج للألم وبلسم لجرح غائر باقٍ أثره مهما طال الزمان أو قصر، فالحادثة وقعت والمطلوب الآن من الجهات المعنية حفظ حياة الأطفال من حادثة نسيان أخرى، بإجبار المدارس ورياض الأطفال جميعهم بالتواصل مع أولياء الأمور، فلا مبرر يعفي من ذلك الإجراء والتقنية الحديثة تسهل المهمة .

ومن خلال تطبيق بسيط يحفظ في هاتف ولي الأمر تصله تنبيهات أولاً بأول، في حالة تأخر الطالب عن المدرسة الفترة الصباحة وحتى عن الحصص اليومية، وفي حال تغيبه ترسل تنبيهاً يظهر على شاشة هاتف الأب أو الأم ليخبرها بأن طفلها سجل «غياب» في سجلات المدرسة، وهذا أمر معمول به في عدد من المدارس الخاصة، من خلال « تنبيه» نحفظ به حياة أطفالنا.