القمة الخليجية السادسة والأربعون التي عقدت في مملكتنا الحبيبة برئاسة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، أكدت على أنها قمة تجاوز نجاحها الصعيد الإقليمي لدول المجلس، وامتد دولياً ليشمل كذلك الجمهورية الإيطالية التي شاركت كضيف شرف للقمة، ممثلة في حضور رئيسة وزرائها جورجيا ميلوني.
دول مجلس التعاون تدشّن عبر مشاركة الجمهورية الإيطالية للقمة الخليجية في البحرين مرحلة متجددة ومتطورة من العلاقات الخليجية الإيطالية، التي شهدت في الفترة الماضية صعوداً ملحوظاً، على أعلى المستويات، حيث تميّزت العلاقات بالعمق الاستراتيجي بين دول المجلس وإيطاليا، وجاءت قمة البحرين لتعزيز تلك العلاقات وتفتح المزيد من الأفق، لمستقبل طموح وواعد بين الطرفين الخليجي والإيطالي، على جميع المستويات، خاصة الاقتصادي.
وقمة البحرين الخليجية تُعتبر كذلك تتويجاً لجهود كبيرة بذلها الطرفان الخليجي والإيطالي، شملت خلالها العديد من اللقاءات والمشاورات في الفترة الماضية، ولعل أبرزها: استضافت البحرين في نوفمبر الاجتماع الـ19 لرؤساء برلمانات دول الخليج، المخصّص لحوكمة الذكاء الاصطناعي، والتكامل السياسي، والحوار مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية، وهو ذات الشهر الذي استضافت فيه الرياض «منتدى الأعمال السعودي – الإيطالي» بمشاركة أكثر من 430 شركة إيطالية ونحو 600 شركة سعودية، وتوقيع 22 اتفاقية ثنائية في مجالات البنية التحتية والطاقة والتقنية والصحة والصناعات الثقافية والأغذية الزراعية.
ويُتوقع أن تشهد العلاقات الخليجية الإيطالية في الفترة المقبلة وتحديداً خلال 2026، نقلة نوعية كبيرة، في مستوى التعاون والشراكة، خاصة وأن الرغبة في انفتاح الطرفين على الآخر قوية، سواء من دول الخليج العربي، من حيث استفادتها من الخبرات الإيطالية في المجالات الصناعية والتكنولوجية والطاقة النظيفة، والهندسة الصناعية، والبنى التحتية وغيرها، وأيضاً ذات الرغبة موجودة لدى إيطاليا في الانفتاح على السوق الخليجي، الذي يُعدّ سوقاً كبيراً يتميّز بالعديد من الفرص الاستثمارية، وهذه الرغبة المشتركة للطرفين تدعمها الأرقام والإحصاءات التي كشفت عن النمو المطّرد في حجم الصادرات الإيطالية إلى المنطقة خلال العام الماضي، والتي وصلت إلى 13.3 مليار يورو، بزيادة 14.2%.
إن دول مجلس التعاون الخليجي تواصل من خلال قمة البحرين تعزيز تطلعاتها إلى مد آفاق التعاون وتنمية شراكاتها الدولية مع مختلف دول العالم المؤثرة، ليتجاوز التعاون الحدود الإقليمية بين دولها، وتنفتح بكل قوة على العالم بشرقه وغربه، ولعل هذا ما ميّز القمم الخليجية في السنوات القليلة الماضية، التي استضافت عدداً من قادة العالم، أبرزهم: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الصيني شي جينبينغ، ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي، والرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، وأتوقع أن القمم الخليجية المقبلة ستواصل هذا العرف، في دلالة واضحة على ما تحظى به هذه القمم الخليجية من اهتمام دولي كبير من دول فاعلة ومؤثرة في العالم.