الزحمة في الشوارع باتت بالنسبة لي مشهداً مألوفاً، ولا يكاد أحد إلا ويتذكر شيئاً من بطء الحركة في بعض المناطق، بالتالي التفكير في حلول جديدة أصبح ضرورة ملحة.
هذا ما بدا واضحاً في الاجتماع الأخير الذي قاده الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الداخلية ورئيس مجلس المرور، والذي كشف عن الخطط الجدّية لتطوير البنية المرورية في البحرين.
الطرقات لم تعد تحتمل مزيداً من التأجيل، فالاختناقات في أوقات الذروة وعطلات نهاية الأسبوع أضحت تؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة، وراحة المواطنين، ومستوى إنتاجيتهم بارتباطها مع توجههم لمواقع العمل.
من هنا، جاء القرار بالاستعانة بشركة استشارية لإجراء دراسة متعمقة، كخطوة عملية تهدف لمعالجة المشكلة ضمن إطار حكومي شامل.
هنا التحدي لا يقف عند حدود الدراسة؛ ففعالية أي مقترحات مرهونة بقراءتها الدقيقة للواقع، وبقدرتها على اقتراح حلول سريعة المفعول تخفّف من الضغط الحالي، حتى في ظل العمل على مشاريع استراتيجية طويلة الأمد.
فالمواطن بحاجة إلى لمس الفرق الآن، وليس فقط انتظار نتائج مستقبلية، وهذا ما نعوّل عليه ونترقّب نتائجه.
وفي موازاة التخطيط، يبرز دور التقنيات الحديثة، وتحديداً الكاميرات الذكية، كجزء من منظومة لا تكتفي برصد المخالفات، بل تتفاعل مع حركة السير لحظياً، وتُسهم في تعزيز الانضباط وتقليل الحوادث.
وهنا تطبيق هذه الأنظمة بصرامة سيؤدي إلى نتائج ملموسة يشعر بها الجميع، وهنا أيضاً من المهم ذكر النتائج بشكل دائم وذلك ليخلق لدى الناس شعوراً بالرضاً والأمان، ويعزز من الوعي المجتمع ويزيد من المسؤولية لاجتماعية.
وللتذكير ليس إلا، نجاح الخطط لا يعتمد فقط على البنية التحتية أو الحلول التقنية، بل يتطلب أيضاً مراجعة السياسات المرورية الحالية وتحديثها بما يتماشى مع المتغيرات الحديثة.
فبعض القوانين قد تحتاج إلى تعديل لتكون أكثر انسجاماً مع الواقع الحالي، خصوصاً في ما يتعلق بإدارة أوقات الذروة، وتوزيع مواقف السيارات، وتنظيم حركة وسائل النقل العام.
كما أن إدماج وسائل النقل البديلة، مثل الحافلات الذكية وخيارات التنقل المشترك، يمكن أن يشكّل رافداً مهماً لتخفيف الضغط عن الطرق، ويمنح المواطنين خيارات أكثر استدامة ومرونة في تنقلاتهم اليومية.
مع كل هذه الخطوات، يبقى العامل الإنساني في المقدمة. فنجاح أي خطة مرورية يتطلب وعياً مجتمعياً، والتزاماً ذاتياً بقواعد السير، وتقبّلاً للتغيير الذي تفرضه التكنولوجيا.
ما يحدث اليوم تحوّل حقيقي في طريقة التفكير في شأن النقل والحركة.
ومتى ما استمرت هذه الجهود بروح التعاون بين الجهات الرسمية والمجتمع، فإن الوصول إلى شبكة طرق آمنة وعصرية سيصبح أمراً متحققاً ويحظى باستحسان الجهود.