من جمال شهر ديسمبر أنه يتضمن العديد من الفعاليات المحلية، والتي تتزامن مع احتفالنا بأعيادنا الوطنية؛ فمن المنامة إلى المحرق فالرفاع وغيرها من المناطق تتنوع الأنشطة التي تجذب كل أفراد الأسرة من مواطنين ومقيمين، إلى جانب آلاف السياح الخليجيين الذين وفدوا إلى البحرين لمشاركتنا احتفالاتنا.
مواسم الاحتفالات الخليجية متنوعة وتحمل كثيراً من الأفكار الإبداعية، وبما يتوافق مع كل دولة وما تتضمنه من خصوصية تاريخية وبيئة وإمكانات، والأهم من كل ذلك قدرتها على تحقيق أهدافها، وبما يتسق مع تطلعات دولنا الخليجية لتقليل الاعتماد على النفط، وفتح الأبواب لقطاعات واعدة للمساهمة في بناء الاقتصادات الوطنية، وعلى رأسها القطاع السياحي والترفيهي.
ومن المواسم الخليجية السياحية التي تلفت الانتباه بحق، موسم الخبر 2025 في المملكة العربية السعودية الشقيقة، والذي انطلقت فعالياته نهاية أكتوبر الماضي ولمدة تسعين يوماً. وقد كان لي شرف حضور عدد من هذه الفعاليات، التي نجحت بالفعل في وضع اسم الخبر على خريطة السياحة السعودية والخليجية على حد سواء.
ما لفتني في موسم الخبر ليس كثرة الفعاليات أو تنوعها، وإنما قدرة القائمين على الموسم على التفكير خارج الصندوق، واستغلال كل ما حولهم من إمكانات ومواقع تراثية أو تاريخية أو طبيعية، بما فيها الواجهة البحرية وكورنيش الخبر، للترويج للمدينة واستقطاب الآلاف من داخل السعودية وخارجها، وكان للبحرينيين حضور لافت ضمن هذا الحشد الجميل.
فعاليات متنوعة كثيرة لا يمكنني حصرها في مقالة واحدة تتوزع بين الفن عبر معرض «صدى المألوف»، وحفلات تستقطب كبار الفنانين الخليجيين والعرب، وفعاليات رياضية عالمية، وعروض جوية وبحرية وألعاب نارية، كانت المدينة تنبض بالحياة بطريقة مختلفة تماماً.
لكن خلف الصخب الجميل للفعاليات، هناك جانب أكثر هدوءاً وجمالاً.. جانب يشبه روح الناس الذين يرتادون الموسم، ويشبه المدينة نفسها، حيث تقدم منطقة نسيم الخبر للعائلات أجواء هادئة على ضفاف البحر، بأضوائها الخافتة ومقاهيها المختارة بعناية، وعروضها الفنية البسيطة التي تجعل المكان أقرب إلى مساحة للاسترخاء والانسجام.
واليوم تبدو الفرصة مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتعزيز تبادل الأفكار والخبرات بين مواسم البحرين المختلفة وموسم الخبر، فالمسافة قصيرة بيننا، وتشابه الجغرافيا والبيئة والموروث الاجتماعي، تجعل من هذا التقارب منصة طبيعية لتعاون أوسع في الثقافة والسياحة وصناعة الفعاليات.
وحين تتشارك المدن الخليجية تجاربها، تنشأ أفكار جديدة أكثر ابتكاراً، وتُفتح مسارات مختلفة للتطوير، ويستفيد الزائر والمجتمع معاً. هذا النوع من التكامل هو ما نحتاجه اليوم لبناء مواسم أكثر حضوراً وتأثيراً، ولصناعة سياحة خليجية مستدامة تستند إلى ما يجمعنا لا ما يفرقنا.