كان المشهد في قاعة الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة في جامعة البحرين أشبه ببوابة تُفتح على مستقبل جديد، حيث احتشدت الطاقات الشابة كطيور تتأهب للطيران، تبحث عن معنى، وعن فرصة، وعن نافذة تطل منها على عالم واسع يسمّى الإعلام الرقمي. لم يكن ملتقى «ملهم» مجرد فعالية تُختتم، بل كان حكاية تتوهّج في كل زاوية من زوايا جامعة البحرين، حكاية صاغتها رعاية كريمة من سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامة للرياضة، رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، الذي منح الشباب مساحة تليق بأحلامهم، ودعماً يعكس رؤية قيادية تؤمن بأن الاستثمار الحقيقي يبدأ من الإنسان وينتهي إليه.

وحين صعدنا إلى المنصة، كنت أشعر بأن أصوات الطلبة تختزن أسئلة كبرى عن الطريق، عن البداية، عن القدرة على كسر الحواجز وصناعة أثر يشبه توقيعاً لا يتكرر، شاركتهم رحلتي، لا من باب السرد التقليدي، بل من قلب التجربة التي خضت فيها الإعلام بكل تحولاته، منذ زمن الورق حتى عصر الخوارزميات، قلت لهم إن الإعلام ليس شهادة فقط، ولا منصة فقط، بل هو قدرة على الرؤية قبل الكتابة، وعلى الإصغاء قبل التأثير، وعلى الإيمان بأن الكلمة التي تخرج من قلب صادق قادرة على أن تصنع جسوراً بين الإنسان والعالم.

كان ملتقى «ملهم» مساحة نادرة جمعت قامات إعلامية وخبراء ومؤثرين، لكنها قبل ذلك جمعت شغفاً يفيض من الطلبة الذين حضروا باحثين عن طريقهم في هذا العالم المتسارع، وكنت أرى في عيونهم انعكاساً لرؤية سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، الذي يدرك أن تمكين الشباب ليس شعاراً، بل فعلاً يُمارس على الأرض، وتخطيطاً يتكئ على قراءة الواقع، واستثماراً يُبنى على إيمان حقيقي بأن الإنسان البحريني قادر على المنافسة والإبداع متى ما أُتيحت له البيئة المناسبة.

لقد جاءت هذه المبادرة في لحظة تتزامن مع احتفالات البلاد الوطنية، وكأنها رسالة تقول إن بناء الوطن لا يتحقق بالمشاريع وحدها، بل بالعقول التي تُضاء، والقلوب التي تُستنهض، والطاقات التي تُستثمر، في مشهد يعكس إنسانية القيادة التي تبذل الجهد في سبيل الارتقاء بالإنسان البحريني، وتعلي من شأن المعرفة والعمل والابتكار، وتعمل على قدم وساق لمواكبة كل تطور يفتح للوطن نافذة جديدة على المستقبل.

ومع اختتام الملتقى، أدركت أن قصة «ملهم» ليست فصلًا يُطوى، بل شرارة تمتد في صدور الشباب، شرارة تقول إن لكل إنسان بصمة لا تشبه سواه، وإن البحرين لا تكبر إلا بأبنائها الذين يختارون أن يكونوا جزءاً من الضوء لا من الظل.

وكملهمة مساهمة في «ملهم» أقول: « إن الأوطان تتقدم حين يؤمن قادتها بالإنسان، وحين يؤمن الإنسان ذاته بأن الحلم أكبر من الخوف، وأن الخطوة الأولى هي مفتاح الطريق مهما كان طويلاً».

* إعلامية وباحثة أكاديمية