أكثر اللغط الجاري الآن حول موضوع تعرفة الكهرباء هو أن ما تقوله الحكومة بأن «متوسط» الاستهلاك الشهري للشريحتين المحدودة والمتوسطة لا يمكن أن يكون 5000 وحدة، رغم أن الإحصائيات الرسمية تؤكد ذلك.
الأمر الثاني أن تلك الإحصائية الرسمية تقول إن 83% هو رقم أو نسبة تشمل الشريحتين الصغيرة والمتوسطة، وهي لن تُمسّ وفقاً للتوجيهات.
فمن الذي يتذمر إذاً؟
هل من يتذمر الآن هم الـ17% الذين هم خارج الشريحتين أي من طبقة الأثرياء؟
أم أن السخط والتذمر ناتج من عدم الفهم أو عدم التصديق؟!
وسنقف اليوم عند دلالة هذه النسبة، أي دلالات أن 83% من البحرينيين يستهلكون 5000 وحدة كهربائية كمتوسط شهري يجمع بين الاستهلاك الصيفي والشتوي، وأن هذه النسبة تشمل الطبقة المتوسطة فعلاً، لنسأل كم تبلغ نسبة الطبقة المتوسطة من هؤلاء لأن الجدل يدور حول هذه النقطة.
للعلم 5000 وحدة معناها فاتورة تبلغ 27 ديناراً (متوسطاً) سنوياً، أي أشهر تزيد عن 27 وأشهر تقل فيها الفاتورة عنها ومتوسطها على 12 شهراً لا يزيد عن 27 ديناراً.
وبذلك من كان متوسط استهلاكه في هذه الحدود فهو آمن وستكفيه 70 ديناراً فعلاً.
إنما الجدل يدور حول أن الطبقة المتوسطة ليست ضمن هذه الشريحة أي التي تستخدم 5000 وحدة، بل هي ضمن 17% الباقية التي تستهلك متوسطاً يزيد عن الخمسة، وهي التي ستتأثر إذ إن عليها أن تدفع 32 ديناراً عن كل 1000 وحدة زائدة عن 5000.
والجدل الثاني هو أن هناك من ذوي الدخل المحدود لكنه في بيوت مركبة أي يسكنها أكثر من عائلة واستهلاكها أكثر من 5000 وهذه أيضاً ستتأثر.
هاتان الشريحتان البيوت أي التي تضم أكثر من عائلة، وتلك التي هي من الطبقة المتوسطة التي تسكن البيوت لا الشقق وكثير منها تضم أبناءها معها، هذه الشريحة ستتأثر فعلاً.
مما يقودنا إلى الانتباه والبحث والتقصي أين هو موقع وحجم الطبقة المتوسطة لأن ذلك موضوع ذو أهمية قصوى لا يقل تقلصها عن أهمية الدين العام أو عجز الميزانية.
النسبة المثالية لأي مجتمع متوازن أن 20% منه هم من ذوي الدخل المحدود، 20% أثرياء، و60% يشكلون الطبقة المتوسطة، هنا يستوي الميزان ويستقر ويرتكز على أساس قوي.
فهل 83% من البحرينيين هم من ذوي الدخل المحدود؟ تلك حكاية أخرى.
فإن كنا سنحافظ على عدم المساس بالشريحة المتوسطة فعلينا أن نجدها أولاً، وإن كنا سنضمن عدم المساس بذوي الدخل المحدود فعلينا أن نجد مخرجاً للبيوت المركبة أي التي يسكنها أكثر من عائلة.
إن كنا سنقدم مبادرات لمعالجة الوضع الاقتصادي بشكل عام فإننا لابد من تحديد نسبة الطبقة المتوسطة أولاً، ونركز المبادرات في كيفية توسيع قاعدتها، فهذه هي الترجمة الحقيقة لتوجيهات جلالة الملك المعظم، فلا يقف همنا عند تعزيز الميزانية فقط بل لابد من التفكير في إنعاش الاقتصاد.