يبدو أن إسرائيل مصرة على إحراج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال عدم التزامها بخطته للسلام في غزة، ومضيها في اختراق هذه الخطة، بل وقيام قواتها بقصف غزة قبيل ساعات من اللقاء المنتظر بين رئيس وزراء إسرائيل بالرئيس الأمريكي في فلوريدا.

ولعل إسرائيل تهدف من وراء خرقها للخطة الأمريكية إلى ما هو أكبر من مجرد إحراج الرئيس الأمريكي، وعلى ما يبدو فإن إسرائيل تبحث عن مكتسبات جديدة يقدمها ترامب لصالح حكومة نتنياهو، ومنها ما يتعلق بتجهيز ضربة جديدة لبرنامج إيران النووي، وعدم السماح لتركيا بتواجد قواتها في غزة، ضمن قوات حفظ السلام الدولية، التي تأتي ضمن المرحلة الثانية من خطة ترامب، ومحاولة إسرائيل أيضاً إقناع الولايات المتحدة بمقترحها الخاص بشأن زيادة مساحة سيطرتها على القطاع، وبنسبة أكبر من تلك التي حددتها خطة ترامب.

وعلى ما يبدو فإن الحكومة الإسرائيلية لا تزال قلقة من برنامج إيران النووي، خاصة وأن الضربات الأمريكية لمنشآت إيران النووية في حرب 12 يوماً في يونيو الماضي لم تؤت أكلها، حيث لا يزال الإيرانيون متمسكين ببرنامجهم النووي، وماضين في تنفيذه وتطويره، وهذا بالتأكيد يقلق مضاجع الحكومة الإسرائيلية، التي وبحسب تقارير إعلامية تتجه إلى حث الولايات المتحدة إلى مشاركتها في توجيه ضربة أخرى لبرنامج إيران النووي، وهذا سيكون ضمن المحاور الأساسية للقاء ترامب ونتنياهو.

أما تواجد قوات تركية ضمن قوات الاستقرار الدولية في غزة، فإن إسرائيل ترفض هذا التواجد، وتعتبره مقيداً لحرية عملها في إحباط التهديدات، كما أشارت إلى ذلك صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية، وهذا الأمر سيكون أيضاً موضوع نقاش ساخن بين ترامب ونتنياهو، ولكن هناك أيضاً توجهاً إسرائيلياً ليس لاستبدال خطة ترامب، وإنما استبدال «خريطة الطريق» المذكورة في الخطة، وزيادة حدود السيطرة الإسرائيلية في غزة، وقد ذكرت ذلك صحيفة (معاريف) الإسرائيلية ذلك، وأشارت إلى أن إسرائيل سوف تقترح على ترامب أن تكون نسبة سيطرتها على أراضي القطاع 75%، وليس 53% بحسب الاتفاق الأمريكي، وقد ارتفعت هذه النسبة إلى 58% في الشهر الأخير.

إذن يفهم من ذلك كله، أن إسرائيل غيرت من أولوياتها بشأن خطة ترامب، وترغب في أن تتماهى الولايات المتحدة مع تلك الأولويات، حتى وإن خالفت بنود الخطة الأمريكية المعلنة، بمعنى آخر، أن إسرائيل ستعمل على عرقلة الخطة وانتهاك بنودها – وقد فعلت ذلك بعد عشرة أيام فقط من تنفيذه- إن لم يتحقق ما تريده، مما يضع ترامب في موقع محرج أمام حلفاء بلاده والعالم، الذين أشادوا كثيراً بالاتفاق وأولهم الفلسطينيون أنفسهم، ويبقى السؤال الأهم وهو: هل ستنال إسرائيل مرادها ويتحقق لها ما تريد أو أن لترامب رأياً آخر؟