1-1-2026، اليوم إجازة بمناسبة رأس السنة الميلادية، وأغلبنا سيبقى في الفراش لوقت متأخر، ليس لسبب سهره الطويل للاحتفال، وإنما لأن الجو بارد جداً، ومن السلامة البقاء في الدفء، ولا بأس في بعض الكسل لساعة أو ساعتين إضافيتين، خصوصاً وأن هذه الإجازة يعقبها نهاية أسبوع.
مع نهاية كل عام، نضع أحلامنا على عتبة العام الجديد. أمنيات شخصية وعائلية، ورغبات ظلت حبيسة الأدراج لسنوات، نودعها عند الله أملاً بأن يكون القادم أفضل، أو على الأقل أقل قسوة، نكرر الأمنيات ذاتها كل عام، يتحقق بعضها، ونخفق في كثير منها، لكنها تظل ترافقنا، وكأنها جزء من طقوس العبور من سنة إلى أخرى.
لكن حين نخرج من الدائرة الشخصية إلى المشهد العام، تبدو الصورة أكثر قتامة. على المستوى العربي، وبحسب قراءة سريعة، تتكدس الإحباطات أكثر مما تتراكم الإنجازات؛ في غزة، توقفت الحرب نظرياً، لكن السلام الذي حلمنا به لم يصل. على العكس، ازدادت معاناة الفلسطينيين، وهم يواجهون حرباً من نوع آخر؛ أمطار ورياح وبرد قارس، وظروف إنسانية بالغة الصعوبة، في ظل حصار خانق لا يزال يمنع عنهم الطعام والشراب والوقود.
وفي السودان، تستمر الحرب حاصدة أرواح الآلاف، وسط تقارير دولية تتحدث عن انتهاكات غير مسبوقة لحقوق الإنسان، ونقص حاد في الغذاء والدواء وأبسط مقومات الحياة. ملايين شردوا، وآخرون يواجهون شبح المجاعة، فيما يبدو الأفق مسدوداً أمام أي أمل قريب.
أما سوريا فالقصة لا تنتهي؛ بعد عام على سقوط النظام السابق، وبين احتفالات عام أول مليء بالتوقعات، لا تزال الصراعات الطائفية والإثنية تتفجر في أكثر من منطقة، والقتلى يسقطون بشكل شبه يومي؛ دعوات للتقسيم وأخرى لطلب الحماية الخارجية، تضيف أعباء جديدة على حكومة لا تزال في خطواتها الأولى، تحاول ضبط الأمن وفتح باب الإعمار وسط واقع شديد التعقيد.
وفي اليمن وليبيا، المشهد لا يختلف كثيراً. دول منقسمة، وأوضاع إنسانية ومعيشية واقتصادية بالغة السوء، وحروب بلا أفق، يقودها أطراف غير آبهين بما ضاع من أعمار الناس وتشردهم وتشتتهم.
أمام كل هذا، يصبح السؤال مشروعاً: ما الذي يمكن أن نتمناه لعالمنا العربي في عام جديد؟ وما هي الأحلام التي لا تزال قابلة للحياة وسط هذا الركام؟
ربما لا نملك ترف الأمنيات الكبيرة، لكن أبسطها وأكثرها إلحاحاً يبقى؛ أن يعم السلام والاستقرار، وأن ينعم الناس بالطمأنينة والهدوء، وأن تتوقف آلة القتل والخراب.
قد تبدو هذه أمنيات شخص بسيط، لكنها، لو تحققت، ستغير كل شيء، فبعض الأمنيات، رغم بساطتها، قادرة على أن تصنع فرقا بين عام ينسى، وعام يكتب له أن يكون بداية حقيقية.