في بداية أبريل من عام 2006 وبعد تناول العشاء في ليفربول، أقلعت طائرة كوندليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا من بريطانيا، حاملة على متنها الوزيرة وبصحبتها جاك سترو وزير الخارجية البريطاني، وما أن أقلعت الطائرة حتى منحت رايس كابينتها ذات السرير الواحد في الطائرة إلى جاك سترو في حين افترشت هي أرضية الممر، وبعد أن حطت بهما الطائرة في الكويت توجها إلى طائرة عسكرية أمريكية أقلتهما إلى بغداد، يومها رفض الناطق باسم جاك سترو التعليق على ذلك وقال: «إن اهتمامي ينصب أكثر على السياسة الخارجية وليس على أي فراش نام فيه»، بينما قالت الناطقة الرسمية باسم السفارة الأمريكية في بغداد إن ترتيبات نوم الوزيرين هي «شأن شخصي ولا أستطيع أن أتخيل أن بإمكاني التعليق عليها».
أما لماذا حصل كل ذلك واضطرت رايس إلى هذا الأمر فالأمر يعود إلى أحد رعايا بريطانيا الذي عينته أمريكا رئيساً لوزراء العراق، وهو إبراهيم الجعفري الذي رفض في وقتها التنازل عن منصب رئيس الوزراء بعد الانتخابات التي جرت في العراق وأصر على البقاء في منصبه وتسبب ذلك في أزمة، لكن أمريكا تعلم جيداً أن أسهل طريقة لإخراجه بسلام هي توجيه الأمر له بترك المنصب من خلال وزير خارجية بريطانيا، فالجعفري وغيره من حملة الجنسية البريطانية الذين جلبتهم أمريكا للعراق على ظهر دباباتها لا يساومون على جنسيتهم البريطانية.
اليوم وبعد 11 سنة على ذلك الحدث يحصل أمر مشابه، لم يعد خافياً أن رئيس وزراء العراق الحالي حيدر العبادي «بريطاني الجنسية»، زار أمريكا قبل أيام قليلة، وبشكل واضح طلب منه الرئيس الأمريكي حل الميليشيات وإيقاف التمدد الإيراني في العراق ووضع حد للفساد المالي، وكان المتوقع ألا يتردد العبادي كونه مطيعاً لأمريكا، بالإضافة إلى زيارة وزير خارجية المملكة العربية السعودية التي سبقت زيارة العبادي لأمريكا والتي تعد بمثابة دعم للعبادي وتصديق على شرعيته فيما لو تعرض لضغوط أو انقلاب جراء اتخاذه خطوات لتحجيم النفوذ الإيراني وحل الميليشيات، لكنه تصرف عكس ما هو متوقع وطلب من الأمريكيين أن يتركوا له علاقته بإيران وأن يفعلوا ما يشاؤون في العراق.
بالتأكيد العبادي لا يختلف عن الجعفري ومفاتيحه بيد بريطانيا، لكن أمريكا ليست بحاجة لفعل ما فعلته مع الجعفري وأن يتكلف تيلرسون وزير خارجية أمريكا ويذهب إلى بوريس جونسون وزير خارجية بريطانيا ويصطحبه إلى بغداد وربما يضطر إلى افتراش ممر الطائرة كما فعلت رايس من قبل ليأمر العبادي بتصحيح علاقته مع إيران، خصوصاً وأن الوضع في العراق تغير ولم يعد مشابهاً للوضع عام 2006، وهناك طرق أخرى تضرب أمريكا بها أكثر من عصفور في حجر واحد، ولعل ما حدث في اليومين الماضيين يبين ذلك، فبعد عودة العبادي من أمريكا حدثت في الموصل التي يخوض فيها التحالف الدولي مع الجيش الحكومي العراقي مجزرة مروعة حيث قضى أكثر من 500 شخص مدني «حتى لحظة كتابة المقال» أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ في ضربة جوية واحدة جعلتهم تحت الأنقاض، في عملية إجرامية يندى لها جبين البشرية، ولم تنتظر القوات الأمريكية طويلاً فقد سارعت بالاعتراف بأن الضربة الجوية نفذتها طائرات التحالف لكنها ذكرت أنها قصفت هذا الموقع بناء على طلب من العراق الذي حدد لهم إحداثيات الموقع وذكر لهم أنه موقع لعناصر «داعش»، بعدها أوقف العبادي عمليات الموصل وبدأ يروج لسيناريو آخر للحدث مدعياً أن العملية هي انفجار شاحنة ملغومة على يد «داعش» لكن هذه لا تعدو أن تكون نكتة سمجة فالتحالف سبقه بالاعتراف بتنفيذ العملية.
وبما أن العبادي القائد العام للقوات المسلحة فاعتراف التحالف يحمله كامل المسؤولية عن الجريمة، ولا أعتقد أنه سيحاكم على هذه الجريمة لكنه أصبح تحت الضغط الأمريكي لينفذ ما تريد بخصوص إيران، حتى ينهي ما تبقى له من فترته في الحكومة ثم يستغنى عن خدماته إلى الأبد فقد أثبت أنه ضعيف لا يمكن الاعتماد عليه، على عكس ما فعلته أمريكا مع المالكي من قبل عندما أمرته بضرب ميليشيا جيش المهدي في ما عرف بصولة الفرسان ونفذ لها ما أرادت، لكن مشكلته أنه إيراني والمرحلة القادمة لا تحتمل التعامل مع الإيرانيين، ولا ننسى أن أمريكا ضربت عصفوراً آخر بهذه الضربة فهي بمثابة رسالة لباقي العراقيين ألا تحاولوا الوقوف بوجه أمريكا لأنها ستكون عنيفة.
أما لماذا حصل كل ذلك واضطرت رايس إلى هذا الأمر فالأمر يعود إلى أحد رعايا بريطانيا الذي عينته أمريكا رئيساً لوزراء العراق، وهو إبراهيم الجعفري الذي رفض في وقتها التنازل عن منصب رئيس الوزراء بعد الانتخابات التي جرت في العراق وأصر على البقاء في منصبه وتسبب ذلك في أزمة، لكن أمريكا تعلم جيداً أن أسهل طريقة لإخراجه بسلام هي توجيه الأمر له بترك المنصب من خلال وزير خارجية بريطانيا، فالجعفري وغيره من حملة الجنسية البريطانية الذين جلبتهم أمريكا للعراق على ظهر دباباتها لا يساومون على جنسيتهم البريطانية.
اليوم وبعد 11 سنة على ذلك الحدث يحصل أمر مشابه، لم يعد خافياً أن رئيس وزراء العراق الحالي حيدر العبادي «بريطاني الجنسية»، زار أمريكا قبل أيام قليلة، وبشكل واضح طلب منه الرئيس الأمريكي حل الميليشيات وإيقاف التمدد الإيراني في العراق ووضع حد للفساد المالي، وكان المتوقع ألا يتردد العبادي كونه مطيعاً لأمريكا، بالإضافة إلى زيارة وزير خارجية المملكة العربية السعودية التي سبقت زيارة العبادي لأمريكا والتي تعد بمثابة دعم للعبادي وتصديق على شرعيته فيما لو تعرض لضغوط أو انقلاب جراء اتخاذه خطوات لتحجيم النفوذ الإيراني وحل الميليشيات، لكنه تصرف عكس ما هو متوقع وطلب من الأمريكيين أن يتركوا له علاقته بإيران وأن يفعلوا ما يشاؤون في العراق.
بالتأكيد العبادي لا يختلف عن الجعفري ومفاتيحه بيد بريطانيا، لكن أمريكا ليست بحاجة لفعل ما فعلته مع الجعفري وأن يتكلف تيلرسون وزير خارجية أمريكا ويذهب إلى بوريس جونسون وزير خارجية بريطانيا ويصطحبه إلى بغداد وربما يضطر إلى افتراش ممر الطائرة كما فعلت رايس من قبل ليأمر العبادي بتصحيح علاقته مع إيران، خصوصاً وأن الوضع في العراق تغير ولم يعد مشابهاً للوضع عام 2006، وهناك طرق أخرى تضرب أمريكا بها أكثر من عصفور في حجر واحد، ولعل ما حدث في اليومين الماضيين يبين ذلك، فبعد عودة العبادي من أمريكا حدثت في الموصل التي يخوض فيها التحالف الدولي مع الجيش الحكومي العراقي مجزرة مروعة حيث قضى أكثر من 500 شخص مدني «حتى لحظة كتابة المقال» أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ في ضربة جوية واحدة جعلتهم تحت الأنقاض، في عملية إجرامية يندى لها جبين البشرية، ولم تنتظر القوات الأمريكية طويلاً فقد سارعت بالاعتراف بأن الضربة الجوية نفذتها طائرات التحالف لكنها ذكرت أنها قصفت هذا الموقع بناء على طلب من العراق الذي حدد لهم إحداثيات الموقع وذكر لهم أنه موقع لعناصر «داعش»، بعدها أوقف العبادي عمليات الموصل وبدأ يروج لسيناريو آخر للحدث مدعياً أن العملية هي انفجار شاحنة ملغومة على يد «داعش» لكن هذه لا تعدو أن تكون نكتة سمجة فالتحالف سبقه بالاعتراف بتنفيذ العملية.
وبما أن العبادي القائد العام للقوات المسلحة فاعتراف التحالف يحمله كامل المسؤولية عن الجريمة، ولا أعتقد أنه سيحاكم على هذه الجريمة لكنه أصبح تحت الضغط الأمريكي لينفذ ما تريد بخصوص إيران، حتى ينهي ما تبقى له من فترته في الحكومة ثم يستغنى عن خدماته إلى الأبد فقد أثبت أنه ضعيف لا يمكن الاعتماد عليه، على عكس ما فعلته أمريكا مع المالكي من قبل عندما أمرته بضرب ميليشيا جيش المهدي في ما عرف بصولة الفرسان ونفذ لها ما أرادت، لكن مشكلته أنه إيراني والمرحلة القادمة لا تحتمل التعامل مع الإيرانيين، ولا ننسى أن أمريكا ضربت عصفوراً آخر بهذه الضربة فهي بمثابة رسالة لباقي العراقيين ألا تحاولوا الوقوف بوجه أمريكا لأنها ستكون عنيفة.