من الأمور التي تستدعي الكثير من الدهشة تلك الصياغة التي تخص بها بعض المواقع الإلكترونية الأخبار المتعلقة بمحاكمة بعض المتورطين في أعمال التخريب ممن تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة. لنتأمل في هذه الصيغة «قال الناشط الفلاني إنّ المحكمة حددت جلسة يوم كذا للحكم على «الطفل المعتقل» المتهم بقضية تجمهر وحيازة مولوتوف وإتلاف دورية»، ولو دققنا في الخبر فسنلاحظ ببساطة أن الهدف من صياغته بهذه الطريقة هو نشر فكرة أن الأجهزة الأمنية تعتقل الأطفال وأنها تحيلهم إلى النيابة العامة التي تحيلهم بدورها إلى المحاكم التي تصدر بحقهم الأحكام القاسية وأن التهم التي تواجههم بها كبيرة وأن من غير المعقول أن يقوم هذا «الطفل» بهذه الأفعال. لكن لو طالعنا صورة الشخص موضوع الخبر فسنلاحظ أن شنبه يملأ وجهه وسنجد أن الصورة في الغالب ليست حديثة.
وسط هذا ينبثق سؤال مهم هو هل يصح أن يطلق على كل من هو دون الثامنة عشرة صفة طفل فنتركه يفعل ما يحلو له؟ وهل هذا يشمل القيام بالأعمال المخالفة للقانون والتي تسيء للوطن وتشكل خطراً على الآخرين؟ حسب تلك الصياغة يتبين أن المراد هو القول إنه يحق للشخص حتى قبل بلوغه الثامنة عشرة من عمره بيوم واحد بل بساعة واحدة أن يفعل ما يشاء ويقول ما يشاء ولا يحق للدولة أن تحاسبه وتجازيه لأنه يعتبر في كل الأحوال «طفلاً»!
منطقاً لا يعتبر طفلاً من يستطيع أن يحمل حجراً يرمي به الآخرين، ومنطقاً لا يعتبر طفلا من يستطيع أن يحمل زجاجة مولوتوف ويقتل بها الآخرين، ومنطقاً لا يعتبر طفلاً من يشارك في أي عمل تخريبي مهما كان بسيطاً، لهذا فإن التمسك بالقول بأن المتورط في هكذا أعمال دون الثامنة عشرة من عمره لا قيمة له، بل لا قيمة له حتى لو لم يخط شنبه بعد، فمن يتمكن من القيام بتلك الأعمال مثل الكبار عليه أن يتحمل عواقبها مثل الكبار أيضاً.
تعودنا في البحرين القول إن فلانا «جاهل»، أي أنه صغير ولا يدرك ما يقوم به، لكن هذا خطأ ينبغي تصحيحه، فطالما أن هذا «الجاهل» قادر على القيام بهذا الفعل أو ذاك فإن عليه أن يتحمل ما قد يأتيه بسببه. ليس معقولاً مثلاً القول بأن هذا الذي رمى حجراً في وجه الآخر وتسبب له في عاهة يعتبر طفلاً لأنه لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره بعد، ففي مثل هذه الحالة لا قيمة أبداً لهذه الحجة لأنها لن تعيد وجه الآخر إلى ما كان عليه ولن تعيد إليه بصره لو فقده بسبب حماقة ذلك «الجاهل».
المستفيدون من الأعمال التخريبية يركزون على هذه الحجة ويعتبرونها بالغة لأنهم يعرفون جيداً بأن معاقبة من هم دون الثامنة عشرة بالكيفية التي يتم فيها معاقبة من هم فوق الثامنة عشرة تتسبب لهم في الأذى وتحرجهم وتقيد نشاطهم التخريبي إذ إن من يقوم بأعمال التخريب هم في الغالب من لم يبلغوا بعد هذه السن، أي أنهم لا يزالون يعتبرون «أطفالاً» و«جهالاً» خصوصاً وأن القانون يقول بذلك.
هذه مسألة ينبغي مراجعتها من قبل المعنيين في الدولة، فليس مقبولاً أن يسمح لمن قصد التخريب ونشر الفوضى الاحتماء بهذا القانون وبهذه الحجة خصوصاً في هذه المرحلة وبعد كل هذا الذي جرى في السنوات الأخيرة. كل من يستطيع أن يحمل حجراً ويؤذي الآخرين ويتجاوز القانون ينبغي أن يحاسب، بل ينبغي على المنظمات الحقوقية أن تدعو هي أيضاً إلى هذا الأمر لأن أولئك «الأطفال» أو «الجهال» يعتدون بأفعالهم تلك على حقوق الآخرين التي «تدافع عنها».
{{ article.visit_count }}
وسط هذا ينبثق سؤال مهم هو هل يصح أن يطلق على كل من هو دون الثامنة عشرة صفة طفل فنتركه يفعل ما يحلو له؟ وهل هذا يشمل القيام بالأعمال المخالفة للقانون والتي تسيء للوطن وتشكل خطراً على الآخرين؟ حسب تلك الصياغة يتبين أن المراد هو القول إنه يحق للشخص حتى قبل بلوغه الثامنة عشرة من عمره بيوم واحد بل بساعة واحدة أن يفعل ما يشاء ويقول ما يشاء ولا يحق للدولة أن تحاسبه وتجازيه لأنه يعتبر في كل الأحوال «طفلاً»!
منطقاً لا يعتبر طفلاً من يستطيع أن يحمل حجراً يرمي به الآخرين، ومنطقاً لا يعتبر طفلا من يستطيع أن يحمل زجاجة مولوتوف ويقتل بها الآخرين، ومنطقاً لا يعتبر طفلاً من يشارك في أي عمل تخريبي مهما كان بسيطاً، لهذا فإن التمسك بالقول بأن المتورط في هكذا أعمال دون الثامنة عشرة من عمره لا قيمة له، بل لا قيمة له حتى لو لم يخط شنبه بعد، فمن يتمكن من القيام بتلك الأعمال مثل الكبار عليه أن يتحمل عواقبها مثل الكبار أيضاً.
تعودنا في البحرين القول إن فلانا «جاهل»، أي أنه صغير ولا يدرك ما يقوم به، لكن هذا خطأ ينبغي تصحيحه، فطالما أن هذا «الجاهل» قادر على القيام بهذا الفعل أو ذاك فإن عليه أن يتحمل ما قد يأتيه بسببه. ليس معقولاً مثلاً القول بأن هذا الذي رمى حجراً في وجه الآخر وتسبب له في عاهة يعتبر طفلاً لأنه لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره بعد، ففي مثل هذه الحالة لا قيمة أبداً لهذه الحجة لأنها لن تعيد وجه الآخر إلى ما كان عليه ولن تعيد إليه بصره لو فقده بسبب حماقة ذلك «الجاهل».
المستفيدون من الأعمال التخريبية يركزون على هذه الحجة ويعتبرونها بالغة لأنهم يعرفون جيداً بأن معاقبة من هم دون الثامنة عشرة بالكيفية التي يتم فيها معاقبة من هم فوق الثامنة عشرة تتسبب لهم في الأذى وتحرجهم وتقيد نشاطهم التخريبي إذ إن من يقوم بأعمال التخريب هم في الغالب من لم يبلغوا بعد هذه السن، أي أنهم لا يزالون يعتبرون «أطفالاً» و«جهالاً» خصوصاً وأن القانون يقول بذلك.
هذه مسألة ينبغي مراجعتها من قبل المعنيين في الدولة، فليس مقبولاً أن يسمح لمن قصد التخريب ونشر الفوضى الاحتماء بهذا القانون وبهذه الحجة خصوصاً في هذه المرحلة وبعد كل هذا الذي جرى في السنوات الأخيرة. كل من يستطيع أن يحمل حجراً ويؤذي الآخرين ويتجاوز القانون ينبغي أن يحاسب، بل ينبغي على المنظمات الحقوقية أن تدعو هي أيضاً إلى هذا الأمر لأن أولئك «الأطفال» أو «الجهال» يعتدون بأفعالهم تلك على حقوق الآخرين التي «تدافع عنها».