أكثر ما أضر المنطقة هو انسحاب أمريكا منها. فالانسحاب الأمريكي المبكر من العراق تحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما سمح للمالكي بانتهاج سياسات عكس السياسات التي وضعها ديفيد بترايوس واعتماد سياسات مذهبية سهلت للقاعدة استقطاب أعضاء حزب «البعث» المنحل. كما أن التراجع عن الخطوط الحمراء أظهر أمريكا بمظهر الضعيف وشجع إيران ونظام بشار الأسد كما شكل دعوة غير مباشرة لروسيا للتدخل في سوريا تحت ذريعة محاربة التطرف. وبعد انتخاب ترامب الذي قاد حملته تحت شعار «أمريكا أولاً» كان الأمر ينذر بمزيد من الانعزال الأمريكي والمزيد من الانسحاب من المنطقة في مقابل دور أكبر لروسيا، لكن وبشكل مفاجئ وبين ليلة وضحاها تم تغيير تلك السياسة بشكل كامل وإذا بأمريكا تعود للمنطقة.
الهجوم الكيميائي على خان شيخون الذي أدى إلى مقتل أطفال بأبشع صورة ممكنة دفع ترامب إلى قصف القاعدة الجوية التي تم منها الهجوم. وعن ذلك برر ترامب تغيير استراتيجيته تجاه سوريا بأنه شديد الطواعية وأنه يستطيع أن يغير مواقفه وفقاً للمتطلبات الحيوية لأمريكا، وقد حصل ترامب على تأييد من أعضاء الكونغرس للضربة. وترافقت الضربة مع تغييرات في البيت الأبيض فاليمينيون يتم تحييدهم لمصلحة الوسطيين، والانعزاليون يتم استبعادهم، بينما يلعب الصقور دوراً أكبر. فالمستشار الأول للرئيس، ستيف بانون، بدأ يفقد نفوذه وقد تم إقصاؤه عن مجلس الأمن القومي. كما استبعدت كي تي ماكفارلاند من مجلس الأمن القومي وتم تعيينها في منصب سفيرة في سنغافورة. وبزغ نجم كل من الجنرال جيمس ماتيس والجنرال اتش ار ماكماستر اللذين يؤيدان ضرورة التدخل الأمريكي لضبط الأمور في سوريا ويدركان حجم التدخلات الإيرانية والخطر الذي تمثله روسيا للمنطقة وللغرب. واليوم بينما تنتقل سياسة البيت الأبيض من اليمين إلى الوسط تحظى إدارة ترامب بتأييد المؤسسة السياسية في واشنطن. ولكن التأييد مشروط فقد طالب أعضاء الحزب الديمقراطي ترامب بتوضيح استراتيجيته في سوريا. فترامب يعي أن الضربة إن لم تكن جزءاً من استراتيجية متكاملة لوقف العنف في سوريا فإنه سيخسر التأييد وسيتعرض لمزيد من الانتقادات.
والاستدارة في الموقف تجاه الأزمة السورية ليست ناتجة عن حادثة خان شيخون فقط، ففشل سياسات ترامب اليمينية التي كان يرعاها ستيف بانون وطاقمه في بداية العهد الرئاسي مثل منع رعايا دول مسلمة من دخول أمريكا أو بناء حائط لفصل المكسيك عن أمريكا دفع ترامب لاعتماد سياسات وتمكين أشخاص أكثر وسطية. وبالرغم من أن ترامب متقلب فالتأييد الذي يحصل عليه اليوم مؤشر أن استدارة الإدارة ستكون مستدامة وذلك يعني عودة أمريكا للمنطقة.
{{ article.visit_count }}
الهجوم الكيميائي على خان شيخون الذي أدى إلى مقتل أطفال بأبشع صورة ممكنة دفع ترامب إلى قصف القاعدة الجوية التي تم منها الهجوم. وعن ذلك برر ترامب تغيير استراتيجيته تجاه سوريا بأنه شديد الطواعية وأنه يستطيع أن يغير مواقفه وفقاً للمتطلبات الحيوية لأمريكا، وقد حصل ترامب على تأييد من أعضاء الكونغرس للضربة. وترافقت الضربة مع تغييرات في البيت الأبيض فاليمينيون يتم تحييدهم لمصلحة الوسطيين، والانعزاليون يتم استبعادهم، بينما يلعب الصقور دوراً أكبر. فالمستشار الأول للرئيس، ستيف بانون، بدأ يفقد نفوذه وقد تم إقصاؤه عن مجلس الأمن القومي. كما استبعدت كي تي ماكفارلاند من مجلس الأمن القومي وتم تعيينها في منصب سفيرة في سنغافورة. وبزغ نجم كل من الجنرال جيمس ماتيس والجنرال اتش ار ماكماستر اللذين يؤيدان ضرورة التدخل الأمريكي لضبط الأمور في سوريا ويدركان حجم التدخلات الإيرانية والخطر الذي تمثله روسيا للمنطقة وللغرب. واليوم بينما تنتقل سياسة البيت الأبيض من اليمين إلى الوسط تحظى إدارة ترامب بتأييد المؤسسة السياسية في واشنطن. ولكن التأييد مشروط فقد طالب أعضاء الحزب الديمقراطي ترامب بتوضيح استراتيجيته في سوريا. فترامب يعي أن الضربة إن لم تكن جزءاً من استراتيجية متكاملة لوقف العنف في سوريا فإنه سيخسر التأييد وسيتعرض لمزيد من الانتقادات.
والاستدارة في الموقف تجاه الأزمة السورية ليست ناتجة عن حادثة خان شيخون فقط، ففشل سياسات ترامب اليمينية التي كان يرعاها ستيف بانون وطاقمه في بداية العهد الرئاسي مثل منع رعايا دول مسلمة من دخول أمريكا أو بناء حائط لفصل المكسيك عن أمريكا دفع ترامب لاعتماد سياسات وتمكين أشخاص أكثر وسطية. وبالرغم من أن ترامب متقلب فالتأييد الذي يحصل عليه اليوم مؤشر أن استدارة الإدارة ستكون مستدامة وذلك يعني عودة أمريكا للمنطقة.