يهتم المشتغلون بالسياسة بعملية التحليل، بل إن التحليل السياسي الذي يجمع المعنيون على تعريفه بأنه «عملية البحث في الاحتمالات الممكنة لمسارات التفاعلات بين القوى السياسية في المجتمع وتفسير علمي واضح لنوع العلاقات بين هذه القوى السياسية الداخلية والخارجية» هو أساس عملهم وهو «الطريقة التي نحكم بها على الظواهر والأحداث السياسية محلياً وإقليمياً وعالمياً» ولذلك «فهو يحتاج إلى فهم الواقع السياسي للبلد وعلاقة هذا الواقع السياسي بالسياسة الدولية». لكن هذا لا يعني أبداً أن العامل في السياسة ومن يقوم بعملية التحليل يستطيع أن يتوصل إلى الحقيقة، فالأمر لا يعدو التحليل، أي ربط الأحداث بعضها ببعض والتوصل إلى استنتاج معين. بمعنى أن المحلل قد يصيب في تحليله وقد يخيب، لأنه بالإضافة إلى انطلاقه في ربطه الأحداث بعضها ببعض من ثقافته وخبرته ومواقفه وقناعاته فإنه قد تنقصه أيضاً المعلومة الدقيقة التي يفترض أنه بنى عليها تحليله وتوصل إلى ذلك الاستنتاج.
ويبدو أن هذا هو ما حدث فيما يخص قيام الجهات المعنية بالأمن الثلاثاء الماضي بفض تجمع غير قانوني في قرية الدارز استمر أكثر من عشرة شهور حيث أقحم البعض بعض ما دار في اللقاءات الجانبية بين القادة المشاركين في قمم الرياض في هذا الملف بل واعتبره أساس ما حدث وأن البحرين حصلت على ضوء أخضر من الولايات المتحدة كي تقوم بهذه العملية.
الفهم الدقيق لمسار الأحداث وإدراك الأسباب الدافعة لها هما الشقان الأساسان للتحليل السياسي وهما يجيبان عن السؤالين ماذا ولماذا. كما أن «سبر أغوار الحدث السياسي وعدم الوقوف عند حد المعرفة السطحية» أساس مهم لا يمكن التغاضي عن غيابه، عدا أن الحدث السياسي -حسب ما تؤكده تعريفاته- قد يحتمل أكثر من معنى وقد يكون ظاهره غير باطنه، وهذا يزيد من صعوبة عملية التحليل والاستنتاج.
ما حدث مباشرة بعد قيام الأجهزة الأمنية ببدء عملية الثلاثاء لفض ذاك التجمع غير القانوني والذي تسبب في أذى الكثيرين وأربك الحياة في جزء من البلاد هو أن دولاً مثل إيران ومنظمات تم تصنيفها على أنها إرهابية مثل «حزب الله» وشخوص مثل العراقي مقتدى الصدر وكل من يتخذ من البحرين وقيادتها موقفاً سالباً ربطوا بين توقيت العملية وتصريح الرئيس الأمريكي خلال استقباله لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى في الرياض الأحد الماضي وملخصه أن «العلاقات بين الولايات المتحدة ومملكة البحرين لن تشهد أي توتر بعد الآن» واعتبروا أن ذلك كان بمثابة «الضوء الأخضر» للقيام بهذه العملية التي «لم يكن ممكناً القيام بها في عهد الرئيس الأمريكي السابق»! وهو ما يدخل في باب الشطح، ذلك أن البحرين دولة مستقلة وقرارها بيدها ومن غير المنطق أن تنتظر الإذن من الولايات المتحدة أو غيرها لتقوم بحل مشكلة داخلية أو بوضع حد لتصرف خارج عن القانون يقوم به بعض مواطنيها.
الربط بين أحد اللقاءات وما نقل إنه صُرِح به خلال اللقاء وبين قيام الأجهزة الأمنية بفض ذاك التجمع والقول إنه جاء بعد يومين من اللقاء هو من صميم عمل المحلل السياسي، لكنه تحليل خاطئ خائب، فالحكومة لم تفضه بهذه الطريقة من قبل لأنها ظلت حريصة على عدم إراقة الدماء وأملاً في توصل المشاركين فيه إلى قناعة بأن ما يقومون به خطأ ومخالف للقانون ويؤذي الناس ويربك حياتهم، والحكومة قررت أن تفضه بعدما فاض الكيل ونفد الصبر ووصلت إلى قناعة بأن هذا العمل ليس إلا حلقة من حلقات يمسك بسلسلتها «الخارج» وتحديداً إيران ومن يقف معها. الضوء الأخضر حصلت عليه الأجهزة الأمنية من الداخل وليس من الخارج.
ويبدو أن هذا هو ما حدث فيما يخص قيام الجهات المعنية بالأمن الثلاثاء الماضي بفض تجمع غير قانوني في قرية الدارز استمر أكثر من عشرة شهور حيث أقحم البعض بعض ما دار في اللقاءات الجانبية بين القادة المشاركين في قمم الرياض في هذا الملف بل واعتبره أساس ما حدث وأن البحرين حصلت على ضوء أخضر من الولايات المتحدة كي تقوم بهذه العملية.
الفهم الدقيق لمسار الأحداث وإدراك الأسباب الدافعة لها هما الشقان الأساسان للتحليل السياسي وهما يجيبان عن السؤالين ماذا ولماذا. كما أن «سبر أغوار الحدث السياسي وعدم الوقوف عند حد المعرفة السطحية» أساس مهم لا يمكن التغاضي عن غيابه، عدا أن الحدث السياسي -حسب ما تؤكده تعريفاته- قد يحتمل أكثر من معنى وقد يكون ظاهره غير باطنه، وهذا يزيد من صعوبة عملية التحليل والاستنتاج.
ما حدث مباشرة بعد قيام الأجهزة الأمنية ببدء عملية الثلاثاء لفض ذاك التجمع غير القانوني والذي تسبب في أذى الكثيرين وأربك الحياة في جزء من البلاد هو أن دولاً مثل إيران ومنظمات تم تصنيفها على أنها إرهابية مثل «حزب الله» وشخوص مثل العراقي مقتدى الصدر وكل من يتخذ من البحرين وقيادتها موقفاً سالباً ربطوا بين توقيت العملية وتصريح الرئيس الأمريكي خلال استقباله لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى في الرياض الأحد الماضي وملخصه أن «العلاقات بين الولايات المتحدة ومملكة البحرين لن تشهد أي توتر بعد الآن» واعتبروا أن ذلك كان بمثابة «الضوء الأخضر» للقيام بهذه العملية التي «لم يكن ممكناً القيام بها في عهد الرئيس الأمريكي السابق»! وهو ما يدخل في باب الشطح، ذلك أن البحرين دولة مستقلة وقرارها بيدها ومن غير المنطق أن تنتظر الإذن من الولايات المتحدة أو غيرها لتقوم بحل مشكلة داخلية أو بوضع حد لتصرف خارج عن القانون يقوم به بعض مواطنيها.
الربط بين أحد اللقاءات وما نقل إنه صُرِح به خلال اللقاء وبين قيام الأجهزة الأمنية بفض ذاك التجمع والقول إنه جاء بعد يومين من اللقاء هو من صميم عمل المحلل السياسي، لكنه تحليل خاطئ خائب، فالحكومة لم تفضه بهذه الطريقة من قبل لأنها ظلت حريصة على عدم إراقة الدماء وأملاً في توصل المشاركين فيه إلى قناعة بأن ما يقومون به خطأ ومخالف للقانون ويؤذي الناس ويربك حياتهم، والحكومة قررت أن تفضه بعدما فاض الكيل ونفد الصبر ووصلت إلى قناعة بأن هذا العمل ليس إلا حلقة من حلقات يمسك بسلسلتها «الخارج» وتحديداً إيران ومن يقف معها. الضوء الأخضر حصلت عليه الأجهزة الأمنية من الداخل وليس من الخارج.