هنا جزئية من خبر اجتماع وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة مع المحافظين والذي نشر الجمعة الأولى من شهر رمضان المبارك تستحق وقفة. فقد جاء في الخبر أن الوزير «شدد على ضرورة تحديد الأولويات التي تحتاجها القرى ومعالجة كافة أوجه القصور وإزالة المخالفات، بما يشعر المواطنين بدور الدولة وحرصها على توفير الحياة الكريمة والتجاوب مع الاحتياجات العامة». فهذه الجزئية تحتوي على أبعاد في غاية الأهمية، الأولى أن الدولة تعترف بوجود قصور في القرى وأنها تجد أن من المهم ومن واجبها تفادي ذلك القصور، ومعه إزالة أي مخالفات ينبغي إزالتها لأنها تعيق قيامها بدورها كما ينبغي وتعيق تحرك المواطنين ليكونوا شركاء معها في هذا العمل، والثانية أن من المهم أن يشعر المواطن بدور الدولة وحضورها في كل أرجاء البلاد، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بتواجد أفعالها الموجبة والتي تشعره بالأمان والأمن وبأن «نفس» الدولة معه، والثالثة أهمية التجاوب مع الاحتياجات العامة، ففي هذه الأمور بشكل خاص تبرز العلاقة الإيجابية بين الحكومة والمواطن. بمعنى أن المواطن الذي يلمس فعل الدولة في المكان مطلوب منه في المقابل أن يشعر الدولة بإيجابيته وبفاعليته ليتحقق الناتج المطلوب وهو التنمية بكل أبعادها.

ما قاله الوزير شرح لخطة يبدو أنه تم اعتمادها من قبل الحكومة ليتحقق الأمن وتتحقق التنمية وليتوفر بذلك أيضاً المدخل العملي لحل المشكلة التي ظلت عالقة وكلفت الوطن في السنوات الست الماضية الكثير وما لم يكن متوقعاً. أي أن الحكومة قررت عدم الالتفات لـ «الردح» والكلام الذي لا يأتي منه خير، ومصدره الخارج ومن يعمل لتحقيق أهدافه التي باتت معروفة، وإيجاد السبيل الذي يأتي منه الخير ويشعر المواطن بأن الدولة معه وأنها لن تتخلى عنه وستكون معه كتفاً بكتف حتى يتحقق ما يريده وما تريده.

إشعار المواطن بأن الدولة متواجدة في كل المكان يعطيها الإحساس بأنها تمارس حقها بالكامل، واعتراف الدولة بأهمية دورها في تنمية كل أرجاء المكان يعطي المواطن الإحساس بأنه يحصل على كامل حقوقه وأن عليه من ثم أن يؤدي ما عليه من واجبات كي تتحقق النتيجة المرجوة. قيام الدولة بدورها وقيام المواطن بدوره في هذه المرحلة التي يمكن أن يطلق عليها اسم المرحلة الانتقالية نتيجته المنطقية تفرغ الجميع للبناء والتنمية، وقبله سد الآذان عن عبارات التحريض الآتية ممن لا يريد لهذا الوطن ولهذا المواطن خيراً.

ولأن الوصلة بين المواطن والدولة هم المحافظون لذا جاءت التوجيهات مباشرة إليهم واعتبارهم مفتاح المرحلة الانتقالية وجاء تأكيد الوزير على «ضرورة التواصل الدائم بين المحافظات والمواطنين» و«تفعيل الشراكة المجتمعية بالشكل الذي يتطلع إليه المواطن ويجعله شريكاً أساسياً في بناء مجتمع محافظته»، وهو ما يعني أن على المحافظين أن يوسعوا القناة التي يمكن للمواطن أن يوصل إليهم أفكاره وما يشغله مباشرة.

التفاصيل دونما شك متوفرة الآن لدى المحافظين الذين بالتأكيد باشروا في ترجمة ما تم اعتماده على أرض الواقع، لكن العنوان الذي يمكن الخروج به من جزئية ذلك الخبر المهم والذي ينبغي أن يكون واضحاً للجميع هو أن الدولة عازمة على إزالة كل العقبات التي ربما كانت من بين الأسباب التي وفرت الفرصة لمريدي السوء كي يدخلوا بينها وبين المواطنين وينطلقوا في مشوار التخريب الذي اعتمدوه ودبروه بليل. ورغم أن عملاً كبيراً كهذا يحتاج إلى وقت طويل وعمل متواصل إلا أنه بالإرادة والعزم يمكن للدولة أن تشعر المواطن بأنها جادة في هذا النهج ويمكن للمواطن أن يشعر الدولة بأنه متفاعل معها ويريد أيضاً تجاوز هذه المرحلة والانطلاق بقوة نحو المستقبل.