لو كان ذلك البعض «يشتغل سياسة» لأدرك مبكراً أن الأمور لم تعد في صالحه وأن عليه أن يغير من تكتيكاته ويخفض من سقف طموحه ومطالبه أو حتى ينسى الموضوع نهائياً

السؤال الذي يتهرب منه ذلك البعض الذي رفع شعارات كثيرة ولا تتوفر لديه إجابة عنه هو ما الذي حققه بفعله وممارساته السالبة على مدى السنين الست الماضيات للمواطنين الذين استهدفهم؟ أما سبب التهرب فمعروف وهو أنه يدرك جيداً أنه لم يحقق لهم أي شيء وأن كل ما قدموه من تضحيات بسببه خلال تلك الفترة ضاع في الهواء. ذلك البعض وعد أولئك المواطنين بالكثير ولم يتمكن من تحقيق حتى القليل، ومع هذا لايزال يكابر ويعدهم ويوهمهم وهو يتكبد الخسائر كل يوم ويدرك أن نهايته باتت وشيكة. ولأن هذا يدخل في باب الافتراء لذا صار على من تلقوا الوعود أن يضعوا حداً للاستهتار بحياتهم ويحاسبوا من وعدهم وأربك حياتهم وأضاع مستقبلهم، وصار على من أدخلهم في هذه المتاهة أن يعترف بعدم تمكنه من تقديم مفيد لهم ويعلن بوضوح تام أنه أخفق وأنه يستسلم. على الأقل كي لا يتكبد المواطنون الذين «زهزه» لهم المزيد من الخسائر.

لو كان ذلك البعض «يشتغل سياسة» لأدرك مبكراً أن الأمور لم تعد في صالحه وأن عليه أن يغير من تكتيكاته ويخفض من سقف طموحه ومطالبه أو حتى ينسى الموضوع نهائياً. المؤسف أنه ليس كذلك، لذا فإنه بمواصلته السلوك نفسه يتسبب على من رفع شعارات الدفاع عنهم ويدفعهم إلى تكبد المزيد من الخسائر والآلام.

ما ينبغي أن يعرفه ذلك البعض جيداً هو أن المعطيات اليوم تختلف عن المعطيات يوم تنفيذ قفزته المجنونة في الهواء في ذلك اليوم وأن الظروف وتطورات الأحداث في المنطقة لا تخدمه بل على العكس تزيد من خسائره وتحرجه أمام من أسبغ عليهم بالوعود، فاليوم لا يستطيع أن يفعل حتى عشر ما كان يمكنه فعله قبل ست سنوات. يكفي القول إن جل أو حتى كل من كان يشد بهم الظهر ما عادوا قابلين لذلك وصاروا غير قادرين على تقديم مفيد له وأولهم إيران التي بدأت تنشغل «بمداواة قرعتها» حيث الواضح أن العالم بدأ يلتفت إليها وبدأ يعبر عن رغبته في وضع حد لتصرفاتها وسلوكها المراهق وتدخلها في شؤون الدول الأخرى، ما يعني أنها لن تتمكن بعد قليل من تقديم أي شيء لكل من لحست عقولهم بشعاراتها الفارغة وأغوتهم.

في وضع كهذا يعتبر استمرار ذلك البعض في محاولاته الفاشلة انتحاراً، فعندما تكون الهزيمة ماثلة أمام عينيك ولا مفر من ملاقاتها ومع هذا تكابر وتستمر في النهج نفسه الذي اعتمدته من قبل فإن هذا لا معنى له سوى الرغبة في الانتحار والتضحية بكل من ادعيت أن أمره يهمك. في المقابل فإن استمرار أولئك المواطنين في تصديق هذا البعض وتفويضه أمرهم يعتبر انتحاراً أيضاً خصوصاً وهم يرون المشهد وما يحويه من تطورات تتلاحق بوضوح ويتبين أنها ليست في صالحهم.

الحقيقة التي ينبغي أن يدركها ذلك البعض جيداً هي أن المقبل من الأيام ليس في صالحه وأن من لم يتأخر عن محاسبة دولة شقيقة وعضو في مجلس التعاون واتخاذ موقف قاس منها لن يتأخر عن محاسبته ومحاسبة من يتمكن من توظيفه لصالحه. الأمور اليوم تختلف عن الأمور قبل اليوم، لذا فإن العاقل يعمد إلى ركن عواطفه جانباً وتجميد أحلامه أو حتى شطبها واختيار التعامل مع الواقع الذي يؤكد أنه ليس في صالحه وأنه لو استمر في عناده فسيعاني أكثر، بل أكثر حتى مما يتوقع.

القصة تقترب من نهايتها، والأفضل لذلك البعض أن يكتفي بالخسائر التي تكبدها ويوفر على المواطنين الذين تمكن من إغوائهم تكبد خسائر إضافية، ليقول على الأقل إنه تمكن من تقديم شيء مفيد لهم.