عندما يستخدم من يقدم نفسه على أنه «ناشط سياسي بحريني» صفة «الخليج الفارسي» بدلاً من الخليج العربي وهو يتحدث إلى السوسة الإيرانية «فضائية العالم» فهذا أمر ينبغي أن يتم الانتباه إليه، بل ينبغي الانتباه إليه بشكل مضاعف لأنه لم ترد تلك الصفة على لسانه عن طريق الخطأ وإنما استخدمها مستدركاً حيث قال على الهواء مباشرة في حلقة برنامج «حديث البحرين» الذي تعمد إيران من خلاله إلى الإساءة إلى مملكة البحرين «إن الخليج العربي.. آسف.. الخليج الفارسي»، ما يؤكد أنه كان متعمداً ويقصد من ذلك أمراً، والأكيد أنه لم يقل ذلك فقط لأنه يقيم في قم التي تأوي أمثاله.

هذا منحى خطير لا بد من الالتفات إليه، فعندما يستبدل ناشط سياسي «بحريني» يقيم في الخارج اسم الخليج العربي بالخليج الفارسي فهذا يعني ببساطة أنه يعلن أنه باع وطنه واختار إيران لأنه غير مجبر على استخدام لفظة الفارسي وهو يقيم في إيران، أو هكذا يفترض. بل أن المنحى في هذه الحالة يكون خطيراً حتى لو اكتفى باستخدام لفظة الخليج بدلاً من الخليج العربي لأن في هذا ما يمكن اعتباره موقفاً سياسياً وإعلاناً عن الولاء لإيران.

الاستدراك بإسباغ لفظة الفارسي على الخليج العربي بدلاً عن العربي من قبل من تم تقديمه على أنه «ناشط سياسي بحريني معارض» لا يمكن تفسيره على أنه ردة فعل وتعبير عن حالة غضب أو بقصد الإغاظة ولكن يفسر على أنه عدم إدراك لأبعاد مثل هذا التصرف ، فهذا القول وبالطريقة التي قيل فيها لا تفسير له سوى أنه تسليم لإيران ورفض للعروبة، وقبلها رفض للوطن، واعتراف بأن إيران هي وراء كل هذا الذي يجري في البحرين.

الرجل الذي كان يرتدي العمامة وتمت استضافته الأسبوع الماضي هو في كل الأحوال ممثل لـ«المعارضة»، والأكيد أنه كان يدرك ما يقول بدليل الاستدراك. هو لم يقل الخليج الفارسي واستدرك ليقول الخليج العربي ولكنه قال الخليج العربي واعتذر وقال الخليج الفارسي، أي أنه أراد بذلك أن يوصل رسالة معينة، لو كان بالفعل يشتغل سياسة.

القصة ليست قصة «دارهم ما دمت في دارهم» وليست قصة جعل المسئولين في البحرين «يحترون» ولكنها قصة أخرى، أو على الأقل يفترض أن تؤحذ على أنها قصة أخرى وأنه كان يريد من قوله ذاك أن يوصل رسالة معينة.

إيران تطلق على الخليج العربي اسم الخليج الفارسي، هذا في كل الأحوال شأنها وليس هنا مجال الخوض فيه، لكن أن يعمد من يعتبر نفسه معارضة بحرينية إلى استخدام لفظة الفارسي بدلاً من العربي فهذا يعني إما أنه يريد أن يقول شيئاً بسبب معرفته بحساسية هذا الموضوع، أو أنه لا يدرك معنى هذا القول ولا يدرك أبعاده، وهذا مستبعد بسبب أنه قال واستدرك.

ترى كيف يمكن احترام «المعارضة» وهي تسخف بالثوابت وتبيع الوطن للأجنبي؟ وكيف يمكنها أن تقنع العالم بأنها منتمية إلى هذا الوطن وتؤكد على الثوابت وهي تقدم هذا التنازل بهذه البساطة ؟ بالنسبة لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي لا يوجد شيء اسمه الخليج الفارسي ولا يمكنهم قبول هذا المسمى ولا يمكن أن يعذروا من يستخدمه ولو مجاملة ، فالخليج العربي عربي وليس فارسياً ولا يمكن أن يكون فارسياً. ما يتغير هو نظرة مواطني دول مجلس التعاون ومواطني البحرين على وجه الخصوص لمن يحلو لهم أن يطلقوا على أنفسهم اسم «معارضة»، وبالتأكيد لا قيمة لمعارضة بحرينية أو خليجية وهي تقدم هذا التنازل إلى إيران التي ستظل ترسم الخطط كي تسيطر على المنطقة وتتسيدها.