إعلان وزارة شؤون الإعلام بأنها «ستتخذ إجراءات قانونية حيال كل وسائل الإعلام التي لا تلتزم بموقف المملكة» وتحذيرها من «نشر أو تداول آراء تؤيد أو تبرر سياسة قطر» أمر طبيعي في مثل هذه الظروف، فمن غير المعقول عدم التزام وسائل الإعلام البحرينية بموقف مملكة البحرين، ومن غير المعقول قيام ذوي العلاقة بنشر أو تداول الآراء التي تؤيد أو تبرر للآخر الذي اتخذت منه المملكة موقفاً سياسياً. وبالتأكيد فإنه ليس من سبيل أمام كل الأجهزة المعنية بالإعلام والنشر وكل العاملين فيها والمنتمين إليها إلا الاستجابة لمثل هذا القرار الذي هو قرار وطني بامتياز، فهو يأتي – حسب الإعلان – «اتساقاً مع القرار السياسي للبحرين والموقف الخليجي والعربي الدولي والإجراءات المتخذة بناء عليه تجاه دولة قطر» وبالتأكيد أيضاً فإن مخالفته يعني المساس بالمصالح العليا للمملكة.

وزارة شؤون الإعلام لم تكتفِ بهذا ولكنها عمدت أيضاً إلى التحذير من «نشر أو تداول ما يشكل اعتراضاً على قرارات المملكة أو الدول المتضامنة معها في هذا الشأن، مما يتضمن في محتواه ما ينال من هيبة البلاد واعتبارها، أو مسايرة لسياسة دولة قطر أو تبريرها»، ولبيان أهمية هذا الأمر اهتم الإعلان بالقول «أياً كانت وسيلة النشر والتداول» أي أن هذا الإعلان لا يلزم الصحف فقط ولكنه يشمل كل وسيلة يمكن من خلالها النشر والتداول، أي أنه يشمل التغريدات والتصريحات. ولأنه في مثل هذه الحالة لا يمكن التغاضي أو المجاملة لذا أكدت الوزارة على أنها «ستتخذ الإجراءات القانونية حيال كل من ينسب إليه المنشور من ذلك القبيل أو يسهم في نشره بأية صورة، وإخضاعه للمساءلة الجنائية والإدارية بحسب الأحوال».

قي السياق نفسه جاء إعلان وزارة الداخلية حيث اهتم ببيان أنه «من منطلق الحقوق السياسية لمملكة البحرين، فإن التعاطف أو المحاباة لحكومة دولة قطر أو الاعتراض على إجراءات حكومة مملكة البحرين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي سواء بتغريدات أو مشاركات أو أي وسيلة أخرى، قولاً أو كتابة، تعد جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبات قد تصل إلى السجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات والغرامة». إعلان الداخلية وفر أسباب هذه الإجراءات فأشار إلى أنها «تأتي في إطار العمل على حفظ الأمن وحماية السلم الأهلي والمصالح العليا للوطن» وأن الذي استدعى ذلك هو «التصرفات العدائية ضد مملكة البحرين وخروجها على الثوابت الخليجية والعربية ومبادئ القانون الدولي».

الحديث إذن عن مرحلة خاصة تطلبت اتخاذ قرارات استثنائية تلزم الجميع، مواطنين ومقيمين وزائرين، بالتقيد بها واحترامها، ففي مثل هذه المرحلة يضيق هامش التبرير والتسامح والعفو لأن الأمر يتعلق بالمصالح العليا للوطن.

هنا محك جديد يمكن به اختبار وطنية «المعارضة» ويفترض أن تستفيد منه وتستغله جيداً، فليس أفضل من هذه الفرصة لتثبت أنها جزء من هذا الوطن وأنها لا تعمل إلا لمصلحته، فالآخر الذي اتخذت منه المملكة موقفاً يستهدف «المعارضة» كما يستهدف الدولة حيث الآخر هنا لا يمكن أن يفرق بين هذه الفئة وتلك وإنما يعمل ضد الوطن كله. والأكيد أن الموقف لا يستوعب المزايدات ولا التفلسف، فالأمور واضحة وليس أمام الجميع إلا سلك أحد طريقين، أي أن «المعارضة» لا يمكن أن تكون مع الوطن وضده في آن واحد.

مثل هذه الفرصة ربما لا تعوض، وليس المقصود هنا التزام «المعارضة» على اختلافها بقرارات وتوجيهات الجهات المعنية فقط كي لا يتم معاقبتها وإنما المشاركة أيضاً وتوفير الدليل على أن الوطن خط أحمر وأنه في مثل هكذا أحوال لا سبيل أمامها سوى تجميد ونسيان كل شيء حتى تعود الأمور إلى طبيعتها.